نقاش في آية سورة النساء (48)

سليمان بن سامي بن سليمان الحسني
كلما أعدت النظر في نقاش أصحابنا للمسائل العقدية الثلاث “الرؤية، وخلق القرآن، وخلود أهل الكبائر” لا أرى استشكالا في صحة أدلتهم وردودهم، إلا هذه الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ فكان الاستشكال فيها كبيرا عندي، وذلك أنها توحي بأمر، ومقابلها آيات وأحاديث أخر كثيرة تجزم بعكس ذلك.
وبعد أحد النقاشات مع بعض المخالفين، وإذ كنت لا أحب حشو الأدلة والأقوال بغض النظر عن درجة إقناعها، جمعت الهمة مناقشا وناظرا في هذه الآية تحديدا لا في كل هذا المبحث “الخلود في الكبائر”، وهذه كتابة مبدئية أجدني اقتنعت بها وارتحت إليها، أسأل الله أن ينفع بها.
حين نقرأ الآيات فلا بد أن يكون فهمنا للآيات ضمن سياقها الذي وردت فيه، فإن القرآن يفسر بعضه بعضا كما هو معلوم. وقوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ ورد في موضعين من سورة النساء، فأولهما كان في سياق ذكر الذين أوتوا الكتاب وذم تحريفهم لكتبهم وكذبهم على الله وصدودهم عما نزل مصدقا لما معهم، قال تعالى: ﴿مِنَ الَّذينَ هادوا يُحَرِّفونَ الكَلِمَ عَن مَواضِعِهِ وَيَقولونَ سَمِعنا وَعَصَينا وَاسمَع غَيرَ مُسمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلسِنَتِهِم وَطَعنًا فِي الدّينِ وَلَو أَنَّهُم قالوا سَمِعنا وَأَطَعنا وَاسمَع وَانظُرنا لَكانَ خَيرًا لَهُم وَأَقوَمَ وَلكِن لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفرِهِم فَلا يُؤمِنونَ إِلّا قَليلًا يا أَيُّهَا الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ آمِنوا بِما نَزَّلنا مُصَدِّقًا لِما مَعَكُم مِن قَبلِ أَن نَطمِسَ وُجوهًا فَنَرُدَّها عَلى أَدبارِها أَو نَلعَنَهُم كَما لَعَنّا أَصحابَ السَّبتِ وَكانَ أَمرُ اللَّهِ مَفعولًا *إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدِ افتَرى إِثمًا عَظيمًا*﴾ [النساء: ٤٦-٤٨]
أما الموضع الآخر فقد ورد في سياق ذم المشركين وما يدعون من دون الله ومفارقتهم سبيل المؤمنين ﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا *إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا بَعيدًا* إِن يَدعونَ مِن دونِهِ إِلّا إِناثًا وَإِن يَدعونَ إِلّا شَيطانًا مَريدًا﴾ [النساء: ١١٥-١١٧]
فهاتان الآيتان إنما توجهتا للذين أوتوا الكتاب وللمشركين تدعوانهم إلى الإسلام قائلتين لهم: إنكم وأنتم مقيمون على شرككم وكفركم فلن تنالوا مغفرة الله مهما صنعتم من خير ومهما تركتم من شر ما دمتم مقيمين على شرككم ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ﴾. وهذا الجزء من الآية محكم مجمع عليه بين طوائف المسلمين -دون التفات لمن شذّ من المتأخرين.
وقوله تعالى: ﴿وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ هذا الجزء من الآية متشابه -كما نص على ذلك القرطبي[2]– اختلفت فيه الأمة كما هو معلوم، فوجب رده للمحكم. وحين نقول: إن هذا الجزء متشابه فذلك لأنهما آيتان وردتا في سياق معين، وغيرهما آيات كثيرة متظافرة متآزرة تدل على التعذيب بالمعاصي التي هي دون الشرك، لا سيما أن هذه الآية لا تدل على الخروج من النار البتة، وإنما قصارى دلالتها الظاهرية غفران الذنوب، وذلك يقتضي ألا يدخل النار من لم يصل في ذنوبه حد الشرك، وهذا قول المرجئة وهو قول باطل متهافت تدحضه وتكذبه الآيات المحكمات الصريحات في مواضع كثيرة من القرآن الكريم.
بقي الاستشكال الأكبر، وهو:
ما وجه التفريق الذي تشير إليه الآية بين الشرك وما دونه؟
فالواضح أنها تشير إلى فرق، والذي لا نزاع فيه أن الله يغفر للمشرك إذا تاب ووحد، ولأجل ذلك بعث أنبياءه، وعامة الصحابة رضوان الله عليهم كانوا مشركين قبل إسلامهم. فالله لا يغفر الشرك دون توبة، فإن حصلت التوبة غُفِر الشرك.
حينها إذا قلنا -كما هو مذهب الإباضية والمعتزلة والزيدية- إن الذنوب الأقل من الشرك كذلك غير مغفورة إلا إذا قارنتها توبة، فما الفرق في أن الله لا يغفر الشرك ويغفر ما دونه لمن يشاء؟
والمستقرئ لكتاب الله سبحانه يجد في السورة نفسها آيات محكمة صريحة في معناها تعارض المعنى الظاهر المفهوم من الآية محل النزاع، نحو قوله سبحانه ﴿وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ وَلَا الَّذينَ يَموتونَ وَهُم كُفّارٌ أُولئِكَ أَعتَدنا لَهُم عَذابًا أَليمًا﴾ [النساء:١٨] ونحو قوله ﴿لَيسَ بِأَمانِيِّكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ مَن يَعمَل سوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصيرًا﴾ [النساء: ١٢٣] فالأولى تجمع عاملي السيئات مع الكفار في رد التوبة، والثانية تخاطب المسلمين خطابا مباشرا صريحا أن يتركوا أمانيهم التي تشابه أماني أهل الكتاب، وأنهم وإياهم يجري عليهم نفس الحكم ﴿مَن يَعمَل سوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصيرًا﴾، وما يمكن أن يقال في تأويل هذه الآيات من أن المقصود بالسوء والسيئات أنه الشرك، فلا يستقيم؛ إذ الآية الأولى قد ذكرت الكفار استقلالا حين عطفتهم على أهل السيئات؛ فعُلم أن أهل السيئات المقصودين ليسوا كفارا. والآية الثانية إنما تخاطب المسلمين أصلا فلا يمكن حملها على المشركين.
وحين نبحث في القرآن عن أماني أهل الكتاب التي اقترن بها تحذير المسلمين من أمانيهم نجد نحو ﴿وَقالوا لَن تَمَسَّنَا النّارُ إِلّا أَيّامًا مَعدودَةً﴾ [البقرة: ٨٠] ونحو ﴿وَقالَتِ اليَهودُ وَالنَّصارى نَحنُ أَبناءُ اللَّهِ وَأَحِبّاؤُهُ قُل فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنوبِكُم بَل أَنتُم بَشَرٌ مِمَّن خَلَقَ يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشاءُ﴾ [المائدة: ١٨] ونحو ﴿فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ وَرِثُوا الكِتابَ *يَأخُذونَ عَرَضَ هذَا الأَدنى وَيَقولونَ سَيُغفَرُ لَنا* وَإِن يَأتِهِم عَرَضٌ مِثلُهُ يَأخُذوهُ أَلَم يُؤخَذ عَلَيهِم ميثاقُ الكِتابِ أَن لا يَقولوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الحَقَّ وَدَرَسوا ما فيهِ وَالدّارُ الآخِرَةُ خَيرٌ لِلَّذينَ يَتَّقونَ أَفَلا تَعقِلونَ﴾ [الأعراف: ١٦٩]، فكلها تصب في مصب واحد وهو أن أهل الكتاب يحسبون أن لهم معاملة خاصة عند الله سبحانه، ويقرّعهم الله سبحانه ويزجرهم أنهم كغيرهم من البشر محاسبون بأعمالهم، فما أحرى بالمسلمين كذلك ألا يحسبوا لأنفسهم ما قرّع الله عليه أهل الكتاب وقد حذرهم الله سبحانه من تلك الأماني.
وعودة إلى ما بدأت فيه من ذكر التعارض الظاهري بين آية غفران ما دون الشرك والآيات الأخرى التي ورد بعضها في السورة نفسها، وبعد استبعاد إمكانية الجمع بينها بحمل السيئات على الشرك، فهناك وجه آخر للجمع تشير إليه آية وردت في السورة نفسها، وهي قوله سبحانه ﴿إِن تَجتَنِبوا كَبائِرَ ما تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَنُدخِلكُم مُدخَلًا كَريمًا﴾ [النساء: ٣١] فجعل اجتناب الكبائر شرطا لغفران السيئات والإدخال مدخلا كريما، فإن لم يتحقق الشرط فالمفهوم أن الجزاء لا يتحقق. وقد يُعترَض على هذا بأن المفهوم هنا مفهوم مخالفة، وهو ظني مختلَف فيه بين الفقهاء والمتكلمين، فلا يمكن أن يستند عليه في مسائل العقيدة. والجواب أنه ما كان اللجوء إلى هذا المفهوم إلا لدرء التعارض الظاهر بين العمومات في الآيات المذكورة سابقا، فهو وإن كان ظنيا في ذاته إلا أن الآيات المحكمة الناصة على المؤاخذة بالسيئات -حتى مع الإسلام- ترفعه إلى درجة القطع، نحو آية الربا وقتل العمد وتحذير أمهات المؤمنين، وهكذا في أحاديث كثيرة بين لعن العاصي ووعيده، كحديث قاتل نفسه والكاسيات العاريات وكاشف العورة وغيرها..
وبه يتبين وجه التفريق الذي تشير إليه الآية محل النزاع: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾.
وحين تقرأ آيات كتاب الله تجدها حين يذكر غفران السيئات تنص على وقوع التوبة أو اجتناب الكبائر، أو تهوّن مما يقع من المؤمنين دون الفواحش والكبائر، فهو سبحانه يقول ﴿الَّذينَ يَجتَنِبونَ كَبائِرَ الإِثمِ وَالفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ المَغفِرَةِ﴾ [النجم: ٣٢]
ويقول ﴿وَوَصَّينَا الإِنسانَ بِوالِدَيهِ إِحسانًا﴾ إلى قوله: ﴿*إِنّي تُبتُ إِلَيكَ* وَإِنّي مِنَ المُسلِمينَ أُولئِكَ الَّذينَ نَتَقَبَّلُ عَنهُم أَحسَنَ ما عَمِلوا *وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِم* في أَصحابِ الجَنَّةِ وَعدَ الصِّدقِ الَّذي كانوا يوعَدونَ﴾ [الأحقاف: 15-16]
ويحصر التوبة في فئة فيقول ﴿إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتوبونَ مِن قَريبٍ فَأُولئِكَ يَتوبُ اللَّهُ عَلَيهِم وَكانَ اللَّهُ عَليمًا حَكيمًا﴾ [النساء: ١٧] ثم يؤكد مفهوم الحصر -الذي هو من مفاهيم المخالفة- الوارد في هذه الآية بآية أخرى صريحة ناطقة أنه ﴿وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ﴾ فهذه الآية تصرح دون مواربة على أن التوبة لمن تاب فقط، أما من حضره الموت قبل أن يتوب فلا توبة له وإن تفوه بها وهو في سكرات الموت، ومن باب أولى من لم يذكر التوبة أصلا، وأنه هو ومن مات كافرا في حال واحدة لا تنالهم توبة الله عليهم -إذ عطفتهما على بعضهما والعطف يقتضي المغايرة- والله المستعان.
إذن لا فرق بين الشرك والكبائر في استلزام التوبة للمغفرة؟ نعم لا فرق.
فأين ذهب التفريق في تينك الآيتين؟
التفريق أن المشرك سيجد حتى الصغائر مكتوبة عليه ﴿وَيَقولونَ يا وَيلَتَنا مالِ هذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً إِلّا أَحصاها﴾ [الكهف: ٤٩] ولا تنفعهم توبتهم ما داموا مقيمين على الشرك، فإن أسلموا كان الإسلام جبا لما قبله. خلافا للمسلم فمهما ارتكب فإنه بالتوبة النصوح تكفر عنه الكبائر، وتغفر الصغائر ما اجتُنِبت الكبائر.
وانظر كيف أن الله سبحانه جعل كل تلك الآيات التي استشهدت بها لتأويل الآية محل النزاع، كلها في نفس السورة: سورة النساء! وقد وردت بهذا الترتيب:
﴿وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ …﴾
﴿إِن تَجتَنِبوا كَبائِرَ ما تُنهَونَ عَنهُ …﴾
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ …﴾
﴿لَيسَ بِأَمانِيِّكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ …﴾
وبعد هذه الخلاصة بقي الكلام على قوله تعالى ﴿وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ وتحديدا كلمة ﴿لِمَن يَشاءُ﴾. الواقع أن هذه كلمة مبهمة لا يعقل أن يعلق بها ربنا سبحانه أمرا خطيرا كالمصير الأخروي بإطلاق هكذا دون تقييد. ونحن لو استقرأنا المصحف لوجدنا هذه العبارة تتكرر في مواضع متعددة منه، منها ما يكون لأمر دنيوي محض كالرزق ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ﴾ [الإسراء: ٣٠] ومثل هذه القضية لا نجد لها ضابطا دقيقا يظهر للناس، وإنما هي مما اختصت به حكمة الله الخفية.
ومن المواضع التي تتكرر فيها تلك العبارات ما يكون دنيويا متعلقا بأخروي، كالهداية والإضلال نحو قوله ﴿وَلَو شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً واحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَيَهدي مَن يَشاءُ﴾ [النحل: ٩٣] أو موضعا أخرويا محضا كقوله ﴿فَيَغفِرُ لِمَن يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشاءُ﴾ [البقرة: ٢٨٤]
إلا أن هذه الحالات لم تترك لهذا الإطلاق، فقد ورد تقييدها في آيات غيرها حتى يكون الناس على بيّنة من أمرهم في اتباع سبل مصائرهم نجاة أو هلاكا، فقد قيد سبحانه المستحقين الهداية في قوله ﴿وَيَهدي إِلَيهِ مَن أَنابَ﴾ [الرعد: ٢٧] وقيد المستحقين الضلالة في قوله ﴿وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفاسِقينَ﴾ [البقرة: ٢٦]
وهكذا العذاب والمغفرة، كم من آيات محكمات واضحات يؤازر بعضها بعضا تبين أهل العذاب وأهل المغفرة، تفصيلا وإجمالا. فمن سمات أهل المغفرة أنهم ﴿الَّذينَ يُنفِقونَ فِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالكاظِمينَ الغَيظَ وَالعافينَ عَنِ النّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحسِنينَ وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَروا لِذُنوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَم يُصِرّوا عَلى ما فَعَلوا وَهُم يَعلَمونَ﴾ [آل عمران: ١٣٤-١٣٥]
أما أهل العذاب فأكثر ما ورد فيهم من وعيد إنما يختص بالكافرين، ومع ذلك فقد تظافرت الآيات الناصة على عذاب العصاة بذكر معاصٍ بعينها، نحو قوله سبحانه في آكل الربا ﴿وَمَن عادَ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ﴾ [البقرة: ٢٧٥] وقوله في المتعدي حدود المواريث ﴿وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدودَهُ يُدخِلهُ نارًا خالِدًا فيها وَلَهُ عَذابٌ مُهينٌ﴾ [النساء: ١٤]
وقوله في قاتل المؤمن عمدا ﴿وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا﴾ [النساء: ٩٣]
بل ورد العذاب على المعاصي بإطلاق في قوله ﴿إِلّا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها أَبَدًا﴾ [الجن: ٢٣]
وحديث النبي عليه الصلاة والسلام: “كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله ومن يأبى؟! قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى” يؤيد ما ذكرته أنه لا يمكن أن تطلق المشيئة في المغفرة والعذاب بإبهام دون تقييد، فحينها كيف يصدق على العباد أنهم يدخلون الجنة إلا من أبى إذا كان الواحد منهم -العصاة تحديدا- في عمى الغيب لا يعلم أتشمله المشيئة أم لا تشمله؟؟
وبعد هذا الاستشهاد والتجول بين آيات القرآن الكريم مفسرة بعضَها، يظهر جليا ما ذكرتُه سابقا أننا نعتمد على الآيات المحكمات في قضايانا ونعرض عليها المتشابهات لنؤولها بما يتفق معها ويحتمله الأسلوب العربي والسياق النظمي والانسجام القرآني، أما من عارضنا فإنما استناده واعتماده على الأحاديث والمرويات التي يرفعها إلى مرتبة القطع، ثم يؤول الآيات القرآنية الكثيرة الغزيرة ويطوّعها تطويعا لتتفق مع ظواهر تلك المرويات. فعجبا ممن يرمينا نحن بتتبع المتشابه! والله المستعان وهو يهدي للحق ونسأله سلامة الصدر.
وأعود فأعيد ما أعدته أكثر من مرة:
إن مدارك العقول تتفاوت في تحديد استحقاق الرحمة والعذاب، فإذا كان راءٍ يرى أن استواءَ من ألجَمَ نفسه عن المعاصي ومن أطلقها لهواها في دخول الجنة لمجرد الاشتراك في الشهادة -التي قد يكون ما صدق بها إلا وراثة، ولو كان لأبوين كافرين لاتبعهما، ولَمَا طرق الإسلامُ قلبه- ظلمٌ وحيف، فغيره يرى أن الخلود في العذاب المقيم لمعاصٍ متناهية في زمنها يكون نزعا للرحمة، فلا منطق عقليا منضبطا يمكن الاحتكام إليه هنا إلا المعايير الشخصية؛ فالواجب في مثل هذه القضية اطراح هذه المعايير جانبا والإذعان لحكم الله سبحانه، الذي حكم أن تشمل رحمته جميع الموجودات في الدنيا، ثم يحصرها يوم القيامة ﴿لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنونَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] وإنما على الإنسان أن يأخذ بالحزم ولا يركن للأماني، إذ قطع سبحانه الطريق على تلك الأماني بواضح العبارة وشديد اللفظ حين قال ﴿لَيسَ بِأَمانِيِّكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ مَن يَعمَل سوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصيرًا وَمَن يَعمَل مِنَ الصّالِحاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولئِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمونَ نَقيرًا﴾ [النساء: ١٢٣-١٢٤]
لتحميل المقال اضغط هنا
[1] – أصل هذا المقال نقاش مع أحد الإخوة الأحناف من المملكة العربية السعودية.
[2] – القرطبي، شمس الدين، الجامع لأحكام القرآن، تفسير سورة النساء الآية 48.
Keasyikan Judi Bola SBOBET88: Pengalaman Taruhan Online Terbaik
Judi bola dengan semua keseruan yang dihasilkan oleh SBOBET88 kini menjadi pilihan utama bagi mereka hanya kamu main di agen bolayang ingin meraih kemenangan dengan akses yang sangat mudah. Siapa yang menyangka, bahwa kemenangan setiap hari bisa berbuah hasil besar di dunia taruhan bola online yang mendukung tim kesayangan dari seluruh dunia dengan modal yang sangat kecil? Taruhan bola Indonesia semakin berkembang dan menjadi primadona di kalangan pemain dari berbagai belahan dunia, dengan menawarkan berbagai macam jenis taruhan yang sesuai dengan karakter dan preferensi para pemainnya. Jika kamu ingin masa depan yang cerah dalam dunia taruhan bola, bergabung dengan SBOBET adalah pilihan yang tepat!
Apa Itu SBOBET88?
SBOBET didirikan pada tahun 2004, yang berarti sudah beroperasi selama sekitar 19 tahun. Awalnya, SBOBET hanya beroperasi di kawasan Asia saja, namun seiring berjalannya waktu, nama SBOBET semakin dikenal dan akhirnya tersebar ke seluruh dunia, termasuk Indonesia. Para pemain judi bola di Indonesia sangat mempercayai SBOBET88 karena hanya SBOBET88 yang berani membayar kemenangan taruhan bola para pemain dengan cepat dan tanpa masalah. Tidak hanya itu, SBOBET88 juga menyediakan layanan customer service yang siap melayani 24 jam penuh, memastikan setiap masalah atau pertanyaan yang kamu miliki bisa diselesaikan dengan cepat dan ramah.
Pada tahun 2010, SBOBET mendapatkan penghargaan bergengsi sebagai “Asian Operator of the Year” yang diberikan langsung oleh pemerintah Filipina. Penghargaan ini menjadi bukti nyata bahwa SBOBET selalu berkomitmen untuk memberikan layanan terbaik kepada para pemainnya.
Kenapa Memilih SBOBET88 untuk Taruhan Bola Online?
Jika kamu ingin menikmati taruhan bola online yang seru dan menguntungkan, SBOBET88 adalah platform yang bisa diandalkan. Dengan hanya satu ID pengguna, kamu dapat mengakses semua permainan judi online yang ada di SBOBET tanpa perlu mendaftar akun baru untuk setiap permainan. Bahkan, SBOBET88 menawarkan akun VIP bagi para pemain yang setia dan aktif. Kepercayaan para member adalah prioritas utama SBOBET88, sehingga mereka berusaha untuk memberikan taruhan bola yang adil, tanpa manipulasi atau kerugian bagi pemain setia.
Untuk lebih memahami apa yang ditawarkan oleh SBOBET88, mari kita bahas beberapa jenis permainan populer yang bisa kamu mainkan:
Jenis Permainan Populer di SBOBET
SBOBET selalu berkomitmen untuk menyediakan berbagai permainan seru yang bisa dinikmati oleh para pemainnya jika bersama sbobet. Berikut ini adalah beberapa jenis permainan yang paling populer di SBOBET:
1. Taruhan Bola / Sportsbook
Salah satu jenis permainan yang paling banyak diminati di SBOBET adalah taruhan bola. Di dalam sportsbook SBOBET, kamu bisa menemukan berbagai macam taruhan olahraga, seperti taruhan bola langsung (live betting), bola virtual, basket, tenis meja, e-sport, hoki es, voli, golf, badminton, balapan sepeda, tinju, MotoGP, dan banyak lagi. Semua taruhan olahraga ini bisa kamu mainkan secara langsung, memberikan sensasi seru dan peluang besar untuk meraih kemenangan.
2. Live Casino
Live Casino pertama kali bergabung dengan SBOBET pada tahun 2007 dan sejak saat itu, game ini menjadi salah satu favorit para pemain. Sebelumnya, jika kamu ingin bermain permainan kasino seperti roulette, dadu, kartu, atau mesin slot, kamu harus pergi ke negara lain yang mengadakan kasino, yang tentu memerlukan biaya dan waktu yang tidak sedikit. Kini, kamu bisa menikmati permainan kasino secara langsung dari rumah hanya menggunakan ponsel dan koneksi internet.
Live Casino menawarkan pengalaman bermain yang sangat mendekati kasino asli, di mana kamu bisa bermain secara real-time dengan dealer langsung. Salah satu keunggulan bermain di live casino adalah proses deposit dan penarikan dana yang cepat dan tanpa antrian. Hal ini membuat pengalaman bermain semakin nyaman dan menyenangkan.
3. Slot Online
Slot online kini semakin populer, terutama di Indonesia. Hampir semua kalangan memainkan permainan ini karena cara bermainnya yang mudah dan peluang untuk menang yang cukup besar. Di SBOBET, kamu bisa menemukan berbagai jenis permainan slot dari berbagai provider ternama. Semua permainan slot tersebut terintegrasi dengan server SBOBET, memastikan bahwa permainan berjalan lancar tanpa gangguan atau lag.
4. Permainan Keno
Permainan Keno sangat mirip dengan permainan togel atau dadu. Pemain akan memilih angka dari 80 nomor yang tersedia, dan jika tebakanmu benar, kamu akan mendapatkan hadiah yang besar. Keno lebih sering dimainkan oleh kalangan dewasa yang sudah memiliki insting dan strategi bermain yang kuat. SBOBET menawarkan empat jenis permainan Keno, yaitu Keno 18, Atom, RNG War, dan Number Game, masing-masing dengan aturan dan cara bermain yang unik.
5. Balapan Kuda / Horse Racing
Balapan kuda adalah permainan internasional yang sangat populer, dan SBOBET bekerja sama dengan Inggris dan Irlandia untuk mengadakan balapan kuda live. Ketika balapan kuda berlangsung, pemain di berbagai negara bisa langsung melakukan taruhan secara live. Balapan kuda menawarkan hadiah yang sangat besar, dan caranya cukup sederhana: pilih kuda favoritmu dan dukung mereka untuk memenangkan perlombaan.
Cara Mendaftar di SBOBET88
Untuk memulai taruhan bola di SBOBET, kamu harus mendaftar terlebih dahulu. Proses pendaftaran sangat mudah dan hanya membutuhkan waktu sekitar 3 menit. Berikut ini adalah langkah-langkah cara mendaftar akun SBOBET:
- Siapkan Data Rekening yang Valid – Siapkan data rekening yang akan digunakan untuk deposit dan penarikan dana.
- Kunjungi Situs Resmi SBOBET88 – Buka situs resmi SBOBET88 di daftar sbobet.
- Klik Menu DAFTAR – Setelah itu, klik menu DAFTAR dan isi data yang sudah disiapkan dengan benar.
- Persyaratan Umur – Pastikan kamu sudah berusia di atas 18 tahun, karena hanya pemain berusia 18 tahun ke atas yang dapat mendaftar dan melakukan taruhan.
Jika kamu kesulitan saat mendaftar, SBOBET juga menyediakan layanan customer service 24/7 yang siap membantu kamu melalui live chat atau WhatsApp.
Metode Pembayaran di SBOBET
SBOBET menawarkan berbagai metode pembayaran untuk deposit dan penarikan dana. Beberapa pilihan yang tersedia antara lain:
- Bank Lokal: BCA, BNI, BRI, CIMB, MANDIRI, Bank Syariah, Danamon, OCBC
- E-wallets: DANA, GOPAY, OVO, LinkAja, Sakuku, Shopee Pay, bahkan Cryptocurrency
- Pembayaran via Pulsa: Telkomsel, XL, dan 3
Jenis Taruhan Populer di SBOBET
SBOBET menawarkan berbagai jenis taruhan bola yang dapat disesuaikan dengan gaya bermain para pemain sbobet88. Berikut adalah beberapa jenis taruhan bola yang paling populer:
1. Mix Parlay
Mix Parlay adalah jenis taruhan di mana pemain memilih minimal 3 tim dan maksimal 10 tim. Jika semua tim yang dipilih menang, maka kamu akan mendapatkan hadiah yang sangat besar.
2. Handicap Betting
Taruhan handicap memungkinkan kamu memilih tim yang akan menang dengan tambahan atau pengurangan gol (handicap) yang ditetapkan oleh penyelenggara resmi. Hasil akhir akan dihitung berdasarkan handicap yang diberikan.
3. Double Chance
Dengan taruhan double chance, kamu bisa memasang taruhan pada lebih dari satu hasil, yang meningkatkan peluang kemenangan kamu.
4. Over/Under Betting
Taruhan Over/Under sangat mudah dipahami, terutama bagi pemula. Misalnya, jika kamu memilih “over 2”, kamu akan menang jika jumlah gol dari kedua tim di atas 2.
5. Odd/Even Betting
Pada taruhan ganjil/genap, kamu harus memprediksi apakah jumlah gol akhir akan ganjil atau genap agen bola.
6. Total Goal Betting
Pada taruhan ini, kamu harus menebak total jumlah gol yang akan dicetak oleh kedua tim dalam pertandingan.
Keunggulan Bermain di SBOBET88
SBOBET88 telah membuktikan dirinya sebagai platform taruhan bola online slot terpercaya yang terpercaya dan memberikan pengalaman bermain yang luar biasa. Berikut adalah beberapa keunggulan yang ditawarkan oleh SBOBET:
- Reputasi yang Terpercaya – SBOBET telah beroperasi selama hampir dua dekade dan mendapatkan kepercayaan dari jutaan pemain di seluruh dunia.
- Pilihan Taruhan yang Beragam – SBOBET menawarkan berbagai jenis taruhan, baik untuk olahraga maupun permainan kasino. Semua permainan bisa diakses dalam satu akun.
- Odds Kompetitif dan Hadiah Besar – SBOBET menawarkan odds yang sangat kompetitif dan hadiah yang menarik, terutama pada taruhan bola dan live casino.
- Layanan Pelanggan 24/7 – Layanan pelanggan SBOBET siap membantu kapan saja jika kamu membutuhkan bantuan.
- Akun VIP dan Bonus Eksklusif – Bagi pemain setia, SBOBET menawarkan bonus eksklusif dan akun VIP yang memberikan keuntungan lebih.