اللغة

ديوان الحماسة : تحت وسادة السلطان سليمان النبهاني!

 

رائد بن ناصر بن خلفان العامري

 

ديوان الحماسة هو اختيارات شعرية اختارها الشاعر أبو تمام حبيب بن أوس الطائي (231هـ)، ويعد ديوان الحماسة من أحسن الحماسات في الشعر العربي بل عدها كثير من العلماء أحسن الاختيارات بله الحماسات، قال ابن العميد في الاختيارات الشعرية: “ليس فيها ‌أحسن ‌من ‌كتاب ‌الحماسة”[1].

وتوسُّدُ الحماسة كناية تحتمل معنيين متضادين! أما المعنى الأول فيعني إهمال ديوان الحماسة، وجعله كالوسادة يُنام عليه فلا يُنظر فيه، وأما المعنى الثاني فيقصد به ملازمة ديوان الحماسة، وجعله عند موضع النوم للنظر فيه، ولعل هذا المعنى أقرب، على أنّ السياق يُعيِّن المعنى المراد، و”يقال: قد توسَّد فلان القرآن إِذا نام عليه وجعله كالوِسادة له، فلم يُكثِر تلاوتَه، ولم يَقُمْ بحقِّه. ويقال: قد توسّد القرآن إِذا أَكثَر تلاوتَه، وقام به في الليل فصار كالوِسادة، وبدلاً منها، وكالشعار والدِّثار”[2].

 والمعنى الكنائي الثاني (ملازمة ديوان الحماسة) هو الذي أسعى إلى إثباته[3]، فقد وجدت مواضع في ديوان السلطان سليمان النبهاني (915هـ) تشبه ما جاء في ديوان الحماسة، ورأيت النبهاني أخذ من شعراء الحماسة وتأثر بهم، ولم أجد مَنْ ذكَر تأثر النبهاني بديوان الحماسة ذكرا صريحا، بيد أنّ الباحثين ذكروا تأثر النبهاني بجملة من الشعراء كامرئ القيس وعنترة وطرفة وذي الرمة، بل ذكروا أسماء شعراء ورد شعرهم في ديوان الحماسة كقول محقق ديوان النبهاني عز الدين التنوخي إنّ النبهاني عارض دالية معد يكرب الحماسية[4].

وهاك مواضع تبين توسد السلطان سليمان النبهاني ديوان الحماسة وتأثره بشعرائه:

يقول النبهاني في فرسه[5]: [من الطويل]

هنالك تَجْزينـي بما قــد فعلتُـه        إذا مـا امــرؤٌ لم يجــز إنعـام فاعـل

فهذا من قول الحماسي[6]: [من الطويل]

وقـمتُ إليـــه باللجــامِ ميســرًا        هنالـك يجزيني الذي كنـتُ أصْنعُ

 

ويقول النبهاني[7]: [من الطويل]

وخَيْـلٍ كأسْــرابِ القطـاء طـردْتُهــا

 

بضربٍ يُطير الهامَ في كلِّ موضعِ

 

وهو كما قال شاعر الحماسة[8]: [من الطويل]

وخيلٍ كأســراب القطــــا قد وزعتُهــا

 

لهـا سبـُـلٌ فيه المنيـَّـــــــةُ تلْمَـعُ

وقد آثر النبهاني ركوب الضرورة فمد المقصور (القطاء) خلافا للحماسي. والنحاة بصريين وكوفيين يجيزون قصر المدود؛ لأنه رجوع إلى الأصل، واختلفوا في جواز مد المقصور، فمنعه جمهور البصريين وأجازه الكوفيون[9].

 

‏ ويقول النبهاني[10]‏: [من الوافر]

أقُـولُ لها وقـد نَفَـــرَتْ وجـاشــتْ       ســأُوردكِ المـنـــيَّـــةَ أو تـهُــــوْنِي

إذا أنا لم أرقــــك عـلى العـــوالي        فلســت بصاحب العرض المصُـونِ

وصبرًا في لقـاء المـــوتِ صبرًا         فـإنـكِ ويــْلُ غـيـــــرك بالمـنـُــونِ

وهذا مثل قول الحماسي (قطري بن الفجاءة)[11]‏: [من الوافر]

أقــولُ لهــا وقـد طـارتْ شـعاعًا          من الأبطـــــــالِ ويحـــــكِ لن تراعي

فـإنـك لــو سـألــتِ بـقــاءَ يــومٍ           على الأَجَــلِ الذي لكِ لن تُطـــاعـي

فصبرًا في مجال المـوتِ صبـرًا        فمـا نـيــــلُ الخلــــــودِ بمستــطــــاعِ

 

‏ويقول النبهاني في رثاء أخيه بعد أن قتله[12]‏: [من الكامل]

قطعتْ يدي عمـــدًا يدي وتوهُمِـــيْ        من قَبْــــلُ أنّ يدًا يدًا لا تقطـــــــعُ

وهذا كقول الحماسي[13]: [من الطويل]

ستَقطعُ فِي الدُّنيا إذا ما قَطَعْتَني      يمـينَك فانظُـرْ ‌أيَّ ‌كـفٍّ ‌تَبدَّلُ

وقال شاعر في الحماسة قَتَلَ أخوه ابنًا له[14]: [من البسيط]

أقولُ للنفْــسِ تأْسـاءً وتعْزِيـَـةً         إحدى يَدَيَّ أصابتْنـي ولم تــردِ

كِلَاهُمَا خَلَفٌ من فقْدِ صاحِبِه         هَذَا أَخيْ حِين أَدْعُوهُ وَذَا وَلَدي

      وقال حماسي آخر في أخ له مات بعد أخ[15]: [من الطويل]

فلو أنها إحـدى يـديَّ رُزِئتُهــا        ولكنْ يديْ بانَـتْ على إثْرِها يــدِيْ

 

ويقول النبهاني[16]: [من الطويل]

أبى نهدُها أن يلمسَ الدرعُ بطْنَها      وأردافُها ما إن تدبُّ على الخصْرِ

   “ودِرْعُ ‌المرأةِ: ‌قميصُها”[17]، وهو من قول الحماسي[18]: [من الكامل]

أبَتِ الـروادفُ والثُّــدِيُّ لقُمْـصِها         مسَّ البُطُونِ وأنْ تمَسَّ ظُهُورا

   ولعل النبهاني تنبَّه للمبالغة في بيت الحماسي فوضع الخصر بدل الظهر، ويشفع للحماسي البيت الذي يتلوه، فهاكهما معًا: [من الكامل]

أبت الــروادف والثـدي لقمصها       مس البطون وأن تمس ظهورا

وإذا الرياحُ معَ العشيِّ تناوحتْ       نَبَّهْـنَ حاسـدةً وهـجْـنَ غـيُـورا

    فقد محا البيت الثاني أثر المبالغة ونبه إلى حسن اقترانه بسابقه، وهذان البيتان اختارهما أبو تمام لحماسته معًا منفردَين. 

 ومثله قول أعرابي: “بيضاء جعدة لا يمَسُّ الثوبُ منها إلا مشاشة كتفيها وحلمتي ثدييها”[19]، ولا ندري أَلشاعر أخذ من الأعرابي أم العكس؟ على أنّ مثل هذا الوصف ورد في حديث أم زرع في بعض تفسيراته! واستشهد ابن حجر لذلك بقول الشاعر: [من الكامل]

أَبَتِ الرَّوَادِفُ وَالنُّهُودُ لِقُمْصِها        مِنْ أَنْ تَمَسَّ ‌بُطُونَهَا وظُهُورَها

   ويبدو أنه بيت الحماسي برواية أخرى! ولكن القافية في الحماسة تختلف كما رأينا البيت الذي يتلوه في الحماسة.

 

 ويقول النبهاني[20]: [من الطويل]

إذا خَشِيَتْ جـاراتُ قــومٍ إهانةً        فجاراتُنـا فيهـــنَّ عِـــزٌّ كرائــمُ

فهذا مثل البيت المنسوب إلى‎ ‎السموأل، وهو في الحماسة[21]: [من الطويل]‏

وما ضَــرَّنا أنا قليــلٌ وجـارُنا        عزيــزٌ وجـارُ الأكْثَرِيـنَ ذليلُ

ويقول النبهاني[22]: [من الطويل]

وإنيْ وإن كنتُ الشَّرُوبَ لَمسعرُ الـ         حُــرُوبِ وذو فضْلٍ وذو نَخَواتِ

فالجمع بين شرب الخمر وإسعار الحروب – وإن لم يكن خاصا بالحماسة-  جاء في قول الحماسي[23]: [من الكامل]

لا تنْفُري يا ناقُ منْهُّ فإنَّهُ       شرِّيبُ خمرٍ مِسْعَرٌ لحُروبِ

أي أنه شراب في الأمن مسعر للحرب.

وللنبهاني أيضا يصف نفسه[24]: [من الرمل]

مِسعرُ الهيجاء شرِّيب الطلا       محصدُ النجدة وهَّابُ الورقْ

والطلا: الخمر.

 

‏ ويقول النبهاني[25]: [من الطويل]

ومُلْكٍ يغِيـــظُ الحاســـدين احتويتُــه        بأبيــــضَ لم تحصــل عليّ حمائلُـــه

هكذا ورد في ديوان النبهاني المطبوع، وعلق المحقق فقال: “لم تحصل عليَّ حمائله: هذه الجملة حالية، أي احتويت ‏الملك صغيرًا بسيفي وأنا في عمر لا يوجب عليَّ حمل حمائل السيف، وهي نجاده”[26]، قلتُ: الأَولى أن يقال إنّ الجملة وصفية لا حالية[27]، وما ذكره المحقق في معنى البيت جائز، لكن الراجح عندي خلافه، لأنّ (لم تحصل) تحريفٌ صوابُه: لم تخطل، وهو كما قال الحماسي[28]: [من الطويل]‏

بأبيضَ خطَّـتْ نَعْلُه حيـثُ أدْرَكَـتْ      ‏     منَ الأرضِ لمْ تخْطـلْ علـيَّ حمائلُهْ

وكما قال النبهاني نفسه موضع آخر[29]: [من الطويل]

وهل ذمَّ كـفِّي في هيــاجٍ مُهَنَّـدِي         ‏    وهل خَطلـتْ يومًا عليّ حمائلي

   يقول المرزوقي في شرح بيت الحماسي: “والمعنى: قمْتُ وقد تقلدتُ سيفاً مصقولاً، تخط حديدة جفنه في الأرض إذا أدركتها خطًا، وليس ذلك لأن حمائله اضطربت عليَّ أو قصرت قامتي عن ارتدائها لطولها، ولكن تختط حيث تدرك، لارتفاع أرض أو عارض حال … وإذا طال النجاد خطل على لابسه واضطرب”[30].

فالنبهاني يفتخر بقوته وشجاعته، وأن نجاده – مع طوله – لا يضطرب في يديه، وهو القائل[31]: [من الكامل]

أنا خَيْرُ مَنْ حَمَلَ النجادَ وخَيْرُ من          ركبَ الجِيادَ ومَنْ إليه المفْزَعُ

 

ويقول النبهاني يصف ثورًا[32]‏: [من الطويل]

فأمسى وحيــدًا مفـــردًا من نعاجِه      يقابـِلُ أهــوالَ السُّـــرى وتقــــابلُه

كذا في المطبوع من ديوان النبهاني، وفي ديوان الحماسة: [من الطويل]‏

وداعٍ دعـــــا بَعْدَ الهـــدُوِّ كأنمـــا        يقاتِـــلُ أهوالَ السُــــرى وتقـــاتلُه

     ولعل (يقابل وتقابله) في ديوان النبهاني تصحيف! والمعنى يبدو أكثر مناسبة بـ(يقاتل)، وهذه الحماسية اللامية أخذ النبهاني كثيرًا من معانيها، وسار على نهج كثير من أبياتها في قصيدة بائية له، ولولا اشتراط الوزن والقافية في المعارضات الشعرية لقلت إنّ النبهاني عارض هذه الحماسية التي جاء فيها[33]: [من الطويل]

فلمّا سمعْتُ الصَّوت ناديْتُ نحْوَه       بصــوت كـريمِ الجـدِّ حـلــوٍ شمــائلُه

فأبرزْتُ ناري ثمَّ أثقبْتُ ضوءَها       وأخرجْتُ كلبيْ وهْوَ في البيتِ داخلُه

تحدث الحماسي عن كرمه، وأنه أوقد النار ليراها الضيف، وأخرج كلبه ليسمعه.

ومثله قول النبهاني[34]: [من الطويل]

وركبٍ عَوَى مستنبحا منهمُ فتى      كلاب حلول صوتُها لم يكذّب

رَفَعْتُ لهم سفْراءَ يعلو سناؤها      كرايةِ ديباجٍ على ظهرِ مرقب

ولما رأى ضيفُ شاعر الحماسة النارَ كبَّرَ اللهَ. قال الحماسي[35]: [من الطويل]

فلمّا رآني كبَّرَ اللهَ وحدَه       وبشَّر قلبًا كان جمًّا بلابلُه

وكذلك فعل ضيوف النبهاني، كبروا الله لما أبصروا النار، فقال النبهاني[36]: [من الطويل]

فلما رأَوْها كبروا الله وانثنَوا     يُجِيبونَ داعي صوتِها المتلهبِ

وفي الحماسية[37]: [من الطويل]

فقــلتُ له أهـلًا وسهــلًا ومـرحبًا         رشــدْتَ ولـمْ أقعـــدْ إليـه أسائلُه

وقمْــتُ إلى بـرْكٍ هـجــانٍ أعــدُّه         لوجبــة حــقٍّ نــازل أنا فـاعــلُه

بأبيض خطَّت نعله حيث أدركت       من الأرض لم تخْطلْ عليَّ حمائلُه

فجـــال قليـــلًا واتَّقـاني بخيـره         سـنـامًا وأمــلاه مـن النَّـيِّ كـاهــلُه

بقرمٍ هجان مصعبٍ كان فحلها        طـويل القرى لم يعْدُ أن شقَّ بازلُه

فالحماسي لم يقعد لمساءلة الضيف، بل بادر إلى النوق لينحرها بسيفه، وكذلك فعل النبهاني فقال[38]: [من الطويل]

فقلت لهم أهلا وبادرتُ مصلتا     حسامي ولم أجنح لقول مؤنب

فعارضني كوم صعاب كأنها     هضاب سدور أو شماريخ عُرَّب

وختم الحماسي قصيدته بقوله[39]: [من الطويل]

بذلك أوصاني أبي وبمثله        كذلك أوصاه قديمًا أوائله

وختم النبهاني قصيدته بما يشبه قول الحماسي فقال[40]: [من الطويل]

فهذي طباعي لمْ أزلْ عن قديمها     وقد كان جدِّي هكذا وكذا أبي

 

وعارض النبهاني قصيدة معد يكرب الحماسية. يقول النبهاني في مطلعها[41]: [من مجزوء الكامل المرفَّل]

صرَّفتُ بالا عن سكيـ           ـــنةَ هاجرا وسَلَوْتُ هندا

وقال معد يكرب في مطلع حماسيته[42]: [من مجزوء الكامل المرفَّل]

ليس الجمالُ بمِئْزرٍ       فاعلمْ وإن ردِّيتَ بُردا

إنّ الجَمال معادنٌ        ومنـاقِبٌ أورثْـنَ مَجْدا

ومن البيِّن أنّ المطلَعَين مختلفان ولا يتفقان إلا في الوزن والقافية لكن النبهاني ختم قصيدته بمطلع الحماسية إذ يقول[43]: [من مجزوء الكامل المرفَّل]

قد أرسل العـربيُّ أمْـــ            ـــثالا يحلن لديَّ عقدا

فقرًا تخـرُّ لها العـقـــو            ل إذا مررْنَ بهن هـدَّا

ليس الجَـمال بمئـزرٍ              فاعلم وإن رديت بردا

إنَّ الجــمال مكـارمٌ               ومآثــرًا أورثـن مجـدا

فالنبهاني يعني عمرو بن معد يكرب بقوله: قد أرسل العربيُّ …

 

ومن أبيات النبهاني في داليته هذه قوله[44]‏: [من مجزوء الكامل المرفَّل]

بيضــــاء باكَرَهــــا النعيــــ       ــمُ فأشـرقَــــتْ عجـــزًا ‏ونهــــدًا

وقد أخذه من حماسية أخرى! قال الحماسي[45]: [من الكامل]

بيضـــاء باكَرَهــــا النعيمُ فصاغَهـا     بلباقـــةٍ فأدقهـــــا وأجلهــــا

فأخذ النبهاني هنا من أول بيت الحماسي، وأخذ كذلك من آخر البيت نفسه! فقال النبهاني[46]: [من الطويل]

 أَدَقَّ إلهـــــــي خَلْقَهـــــا ‏وأَجَلَّـــــــــــهُ       فَدَقَّـــــتْ كما شــــــاءَ الإلهُ وجَلَّـــتِ

 

ويقول النبهاني‏ في الدالية نفسها[47]: [من مجزوء الكامل المرفَّل]

يا رُبَّ جمجمــــةٍ ‏جعلـــــ          ــتُ لصـــــارِم الحَدَّيْـــــنِ غِمْـــدا

ومثله في الحماسة[48]: [من المتقارب]

وإنا لتصْبـــــــحُ أسيافُنــــــا       إذا ما انتصبـْـنَ بيــومٍ سفُـــوكِ

منابـــرُهُنَّ بُطُــونُ الأكُــفِّ     وأغْمـــــادُهنَّ رؤوسُ الملــــوكِ

 

ويقول النبهاني[49]: [من الطويل]

ولسنا نحيــي الدار حبًّا لربعهـــا             ولكنـه حُـــبٌّ لكالأدم خــذل

وفي الحماسة[50]: [من الوافر]

أحــبُّ الأرض تسكُنُهـا سليمـــى            وإن كانـت توارثهــا الجـــدوبُ

وما دهـــري بحـــبِّ تــراب أرْضٍ       ولكــنْ من يَحُـــلُّ بها حبيـــــبُ

وهذا المعنى طُرِق مراتٍ قبل النبهاني[51]، ومن ذلك قول مجنون ليلى‏: [من الوافر]

وما حُـبُّ الديـار شغفْــنَ قلبـي        ولكنْ حـــبُّ من سكَــنَ الديـارا

 

‏‏ويقول النبهاني[52]:‏ [من الرمل]

ليَ طعمـانِ فطعــــمٌ ‏سائــــغ         عـــــذب الذوق وطعـــمٌ فيه ســمّْ

وقد قال الحماسي من قبل[53]: [من المديد]

وله طعمـــانِ أَرْيٌ ‏وشَـــــرْيٌ         وكــلا الطعميــــن قد ذاق كــلُّ

يريد بالأري العسل، وبالشري الحنظل.

 

‏ويبدو تأثر النبهاني واضحًا بقول الحماسي[54]: [من الوافر]

بُغــاثُ الطَّيــرِ أكثرُها فراخـًا    وأم الصقــر مِقْــــلاةٌ نَـــزُوْرُ

إذ يقول في الشوق إلى المحبوب والصبر عنه متأثرًا بوزن بيت الحماسي وصوغه[55]: [من الوافر]

وأمُّ الشــــوق منتـــاج ولــودٌ         وأم الصبــــر منــزار ‏عقيــــم[56]

 

   فهذه مواضع تُؤكد توسد الشاعر السلطان سليمان النبهاني ديوان الحماسة، وأنه أطال النظر فيه والأخذ منه لفظا ومعنى، وهذا ما سعت المقالة لإثباته، ولا يعنينا في هذا المقام ما يعد سرقة شعرية وما لا يعد منها لأن السرقات “باب متسع جداً، لا يقدر أحد ‌من الشعراء أن يدعيَ السلامة منه”[57] كما يقول ابن رشيق القيرواني، ومن ادعى السلامة منه وجد النقاد له مواضع أخذها من غيره!.

 

لتحميل المقال أضغط هنا


[1] الكشف عن مساوئ شعر المتنبي، ص41

[2] الأضداد: ابن الأنباري، ص187.

[3] قد يكون معنى أن كتابا تحت الوسادة معنى حقيقيا مرادا، كما ذُكِر عن الفراء أن كتاب سيبويه وُجد تحت وسادته. يُنظر: طبقات النحويين واللغويين، ص72، إنباه الرواة على أنباه النحاة، 4/14.

[4] ينظر:

[5] ديوان النبهاني، ط2، ص211.

[6] ديوان الحماسة، تحقيق: عبد الله عسيلان، 1/204.

[7] ص 147.

[8] شرح الحماسة، ص507.

[9] الكامل في اللغة والأدب 1/282. شرح كتاب سيبويه: أبو سعيد السيرافي، تحقيق أحمد حسن مهدلي وعلي سيد علي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 2017م، 1/203. وساوى ابن فارس بين قصر الممدود ومد المقصور في كتابه (ذم الخطأ) لكنه أجاز قصر الممدود ومنع مد المقصور في الصاحبي. يقول:” والشعراء أمراء الكلام، يقصرون الممدود، ولا يمدُّون المقصور”. يُنظر: ذم الخطأ في الشعر ص24. الصاحبي في فقه اللغة ص213. وفي مسألة مد المقصور غير ما ذُكِرَ هنا من خلاف. ينظر: الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين ص605.

[10] ص333.

[11] الحماسة، 1/161.

[12] ص150.

[13] الحماسة، 1/564.

[14] الحماسة، 1/120.

[15] الحماسة، 1/435.

[16] ص106.

[17] الصحاح، (د ر ع).

[18] الحماسة، 2/41.

[19] ينظر: ديوان المعاني: أبو هلال العسكري، شرحه وضبط نصه: أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1414هـ – 1994م، ص243.

[20] ص292.

[21] الحماسة، 1/80.

[22] ص48.

[23] الحماسة، 1/441.

[24] ص173.

[25] ص186.

[26] الحاشية ص186.

[27] بيَّنْتُ ذلك في مقال لمّا يُنشر.

[28] الحماسة، 2/335.

[29] ص217.

[30] شرح ديوان الحماسة 2/ 1191.

[31] ص140.

[32] ص181.

[33] الحماسة، 2/334.

[34] ص24.

[35] الحماسة، 2/334.

[36] ص24.

[37] الحماسة، 2/334.

[38] ص24-25

[39] الحماسة، 2/335.

[40] ص25.

[41] ص89.

[42] الحماسة، 1/104.

[43] ص92.

[44] ص90.

[45] الحماسة، 2/13.

[46] ص44.

[47] ص92.

[48] الحماسة، 1/159.

[49] ص206.

[50] الحماسة، 2/37.

[51] في ديوان النبهاني معاني أخرى طرقها شعراء الحماسة وغيرهم.

[52] ص263.               

[53] الحماسة، 1/402.

[54] الحماسة، 1/581.

[55] ص275.

[56] ذكر محقق ديوان النبهاني أن بيت النبهاني “من قول الشاعر: بغاث الطير …” لكنه لم يذكر الحماسة.

[57] العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده: ابن رشيق القيرواني، تحقيق: محمد الجيلاني، 2/183.

يسعدنا تقيمك لهذا المقال

تقييم المستخدمون: 4.55 ( 1 أصوات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى