الفوائد الحديثة (ج2):(من سلسلة كتاب المعتمد للأستاذ المعتصم المعولي)
يونس بن سعيد بن محمد الحديدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبتوفيقه يهتدي العبد إلى فعل الخيرات، وبطاعته تنعم الحياة وتنزل البركات، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه حلقة ثانية في بيان الفوائد الحديثية المبثوثة في سلسلة كتاب المعتمد المبارك جمعتها لتكون في مكان واحد حتى يعم نفعها.
وعملي في ترتيب هذه الفوائد كالتالي:
- رتبتها على حسب ترتيب الكتاب.
- وضعت لكل فائدة عنوانا يتكلم عن مضمون الفائدة.
- اقتبست الفوائد من متن الكتاب وحواشيه.
- نقلت الفوائد بالنص من الكتاب مع بعض التصرف القليل في بعضها.
- أشرت نهاية كل فائدة موضعها في الكتاب.
- أغلب الفوائد منقولة عن الشيخ القنوبي، وبعضها لا توجد بها إشارة عن الشيخ القنوبي وإنما ذكرها صاحب المعتمد.
واقتصرت في هذه الحلقة على كتاب المعتمد في فقه الصيام، وستكون هناك حلقة أخرى منه أيضا نظرا لكثرة الفوائد الحديثية فيه في فقه الصيام، على أن تكون هناك حلقات أخرى تشمل جميع أجزاء الكتاب بإذن الله تعالى.
1/ حكم زيادة لفظة (معي) في حديث: “إن عمرة في رمضان تقضي حجة”.
قال عليه الصلاة والسلام لأم سنان الأنصارية: “إن عمرة في رمضان تقضي حجة”، وجاء في بعض روايات هذا الحديث “.. تقضي حجة معي”، أي بزيادة لفظة (معي) إلا أن هذه الزيادة شاذة عند شيخنا القنوبي- حفظه الله-. (ص28).
2/ اختلف أهل العلم في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: “وتُصفَّد فيه الشياطين”.
اختلف أهل العلم في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الثابت: “وتُصفَّد فيه الشياطين” مع ما يشاهد في واقع كثير من الناس خلال هذا الشهر من انتهاك لحرمات الشهر، وتسكع في المعاصي، وسعي في الفساد والإفساد. ومن تلك التأويلات أو الاحتمالات الصحيحة التي ذكرها الشيخان الخليلي والقنوبي- حفظهم الله-:
أولا: أنهم يحجزون عن وسوسة الصالحين الممتنعين دون غيرهم، فهم المخصوصون بقوله تعالى: ﱡﭐ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﱠ الحجر: ٤٢.
ثانيا: ليس المراد في الحديث كل الشياطين وإنما طائفة منهم، وهم المردة، لمجيء ذلك صريحا في بعض الروايات “ويصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره”، وأما أتباعهم فإنهم يقومون بدورهم في الوسوسة للناس وفي إضلال الناس.
ثالثا: أن للمعاصي أسبابا متعددة، فهي ليست محصورة في وسوسة الشياطين، فقد تكون هذه المعاصي بسبب شياطين الإنس وقرناء السوء وقد تكون كذلك بسبب النفوس الخبيثة. (ص 28).
3/ الحديث الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق سلمان الفارسي في فضل الصيام لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
روى ابن خزيمة في صحيحه من طريق سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال:
” أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة….”.
وإن كانت كثير من معانيه صحيحة في ذاتها، وإن كانت بعض جمله ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه في مجموعه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الشيخ القنوبي -حفظه الله ورعاه-: “ومنهم من ذهب إلى تضعيفه وهو الصواب، فهذا الحديث على الصحيح لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه- وعليه فلا ينبغي الإتيان به في الدروس والخطب إلا ما ثبت من جمله من غير هذا الطريق..”. (ص29- 30).
4/ يجوز أن يقال (رمضان) بدون لفظة ( شهر).
يجوز أن يقال (رمضان) بدون لفظة (شهر)؛ وذلك لورود الإطلاق في نصوص كثيرة من السنة النبوية، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا..”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “.. رَغِمَ أنفُ رَجُلٍ دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له”. (ص 39)
5/ حكم الحديث (لا تقولوا: رمضان؛ فإن رمضان اسم من أسماء الله، ولكن قولوا: شهر رمضان).
ما جاء منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تقولوا: رمضان؛ فإن رمضان اسم من أسماء الله، ولكن قولوا: شهر رمضان” فباطل لا يصح ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل نطقت السنة بخلافه. (ص 40)
6/ حكم حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “أبصرت الهلال الليلة، قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا”.
والدليل على اعتبار الواحد عند الدخول عند أكثر أصحابنا حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “أبصرت الهلال الليلة، قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا”، ولكن شيخنا القنوبي -حفظه الله- علق عليه بقوله: “حديث الأعرابي ضعيف”، إلا أن الاستدلال على الحكم يبقى قائما بأدلة أخرى. (ص 45).
7/ قول الصحابي: “هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم” له حكم الرفع.
ثبت عند الإمام مسلم والترمذي وغيرهم أن أم الفضل بنت الحارث بعثت كُريبا مولى ابن عباس رضي الله عنهما إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبدُ الله بن عباس رضي الله عنهما: متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: “لا، هكذا أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-“، وقول الصحابي: “هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم” له حكم الرفع، وبهذا عمل السلف، ولذا قال الإمام الترمذي بعد روايته ثم تصحيحه لهذا الحديث: “والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم”. (ص 51-52)
8/ ناطت الأحاديث النبوية وعلقت دخول الشهر الكريم وخروجه برؤية الهلال.
الأحاديث النبوية بمختلف ألفاظها ورواياتها أمرا ونهيا ناطت وعلقت دخول الشهر الكريم وخروجه وصيام الناس وإفطارهم برؤية الهلال، فقد قال صلى الله عليه وسلم آمرا: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”، وقال ناهيا: “لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه”، فإذا لم تثبت الرؤية فليس لأحد أن يصوم، وإلا كان صائما يوم الشك، وقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. (ص 56)
9/ لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأثر المرفوع: “الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها”.
الأثر “الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها” ينسب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح عنه عليه الصلاة والسلام من حيث الصنعة الحديثية، كما نبه على ذلك محدث العصر العلامة القنوبي- حفظه الله-، وإن كان معناه في ذاته صحيحا. (ص58)
10/ لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأثر المرفوع: “إن لكل قوم هلالهم”.
لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأثر المرفوع: “إن لكل قوم هلالهم” حيث أورده بعض الفقهاء منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصل له مرفوعا إليه ولا موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما، وإنما هو من قول بعض أهل العلم، ومن المعلوم المتقرِّر أن ضعف السند لا يعني بطلان المتن أو فساد معناه أو ضعف القول الذي أشار إليه على كل حال. (ص 58)
11/ التكني بأبي القاسم من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
التكني بأبي القاسم من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تسموا باسمي ولا تَكْتَنُوا بكُنْيتي”، والظاهر أن هذا الحكم غير مختص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأزمان؛ ولذا فلا يجوز لأحد أن يتكنى بهذه الكنية، بل كره بعضهم أن يُسمي الرجلُ ابنه الأول بالقاسم خشية أن يكنى به، وقد اختلف العلماء في من تكنى بهذه الكنية هل يكنيه غيره بها أو لا؟ لا يكنى بذلك، يقول شيخنا القنوبي- حفظه الله-: “وهذا هو الذي نعمل به، فمن يكنى بذلك لا نكنيه بذلك، لأن الصحابة- رضي الله تبارك وتعالى عنهم- عندما علموا أن واحدا منهم تكنى بـ “أبي القاسم” قالوا: “لا نكنيك بذاك ولا كرامة”. (ص 60)
12/ لا اعتبار بكِبَر الهلال وصِغَره في صحة رؤية الهلال
روى مسلم عن أبي البختري قال: خرجنا للعمرة فلما نزلنا ببطن نخلة قال: تراءينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، فلقينا ابن عباس فسألناه، فقال: أي ليلة رأيتموه؟ قال: فقلنا ليلة كذا وكذا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله مدَّه للرُّؤية فهو لِلَيْلةٍ رأيتموه”، وهذا هو الواضح من ترجمة الإمام مسلم للباب بقوله: “بَابُ بيان أنَّهُ لا اعتبارَ بِكِبَرِ الهلالِ وصِغَرِهِ، وأنَّ اللهَ تعالى أَمَدَّهُ للرُّؤيةِ فإنْ غُمَّ فلْيُكْمَلْ ثلاثون”. (ص62)
13/ المعتمد عند أصحابنا هو الأخذ بما دل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أصبح جنبا أصبح مفطرا”.
اختلف الفقهاء في صحة صيام من أصبح على جنابة، وسبب هذا الخلاف هو التعارض الواقع بين رواية أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أصبح جنبا أصبح مفطرا”، ورواية السيدتين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم، والكل صحيح لا غبار في ثبوته إلا أن المعتمد عند أصحابنا هو الأخذ بما دل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي المقابل يحمل حديث السيدتين عائشة وأم سلمة على أنه منسوخ؛ وذلك للاعتبارات الآتية:
أولها: إن تعارض دليلان مختلفان أحدهما فيه شغل للذمة(كحديث أبي هريرة) والآخر فيه براءة للذمة (كحديث عائشة وأم سلمة) فإنه يقدِّم ما فيه شغل للذمة على الذي فيه براءة للذمة؛ لأن براءة الذمة هي الأصل قبل ورود الدليل الآخر، فإذا ورد الدليل الشاغل للذمة كان الشغل هو الأصل، وحُمِل ما عارضه على الأصل السابق قبل التعبد بشغل الذمة، فصار شغل الذمة أمرا متيقنا منه، ومن قواعدهم السائرة أن اليقين لا يرفعه إلا يقين مثله.
ثانيها: أن دعوى نسخ حديث أبي هريرة تحتاج إلى دليل؛ إذ الأصل في تعارض دليلين يدل أحدهما على مشروعية حكم، والآخر على عدمه أن يقدم ما دل على المشروعية في العمل؛ لأن الدليل الآخر استصحب الأصل، وقد ثبت رفع حكم الأصل بالدليل الناص على مشروعية الحكم، ولم يثبت أن ذلك الحكم نسخ بعد مشروعيته، والنسخ لا يكون بمجرد الاحتمال، فكيف يُرفع هذا الحكم بما يحتمل أن يكون وروده موافقا للبراءة الأصلية !!
ثالثها: أن الجنابة حدث أكبر، وقد دلت الأدلة الشرعية على أن هذه العبادة الخالصة (الصوم) تتنافى مع الحدث الأكبر، فالحائض والنفساء لا يجوز في حقهما الصيام بالإجماع، وما ذلك إلا لتلبسهما بالحدث الأكبر، فالنظر والقياس الشرعي المستقر يقتضي إلحاق الجنابة بهما.
رابعا: حديث السيدة عائشة وأم سلمة فعليٌّ، بينما حديث أبي هريرة قولي، والقول مقدم على الفعل -كما هو معلوم عند الجمهور-؛ لأن الفعل يحتمل احتمالات منها كونه خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، أما القولي فينتفي عنه هذا الإيراد، لا سيَّما وأن حديث أبي هريرة جرى مجرى القاعدة المطردة التي تشمل جميع أفراد الأمة “من أصبح جنبا أصبح مفطرا”.
خامسا: إن تعارض الدليل المحرِّم والدليل المحلِّل، كما هي القاعدة الفقهية المشهورة “المحرِّم مقدم على المحلل”.
سادسها: أنَّ حديث أبي هريرة فيه احتياط وسلامة في الدين وخروج من الخلاف باتفاق الجميع، والأخذ بالمجمع أولى من المختلف فيه، والسلامة في الدين لا يعدلها شيء. (ص 81-82).
14/ اختلف العلماء في رواية السيدة حفصة “من لم يُجْمِعِ الصيام قبل طلوع الفجر فلا يصوم” هل هي مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو موقوفة عليها
النية المعتدُّ بها في صحة الصيام هي التي تكون قبل الشروع في الإمساك، سواء كان ذلك في صوم الفرض أو صوم النفل لا فرق بينهما؛ لعموم حديث: “من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له”، وروته السيدة حفصة رضي الله عنها بلفظ “من لم يُجْمِعِ الصيام قبل طلوع الفجر فلا يصوم”، وهو حديث صحيح رواه جمع من الأئمة، وقد اختلف العلماء في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو وقفه على السيدة حفصة لكونه ورد بالصيغتين، يقول صاحب قاموس الصوم: “.. ثم كتب لي الاتصال بالحافظ العلامة المحدث سعيد بن مبروك القنوبي- حفظه الله تعالى ورعاه- يوم الخميس من تاريخ (12/ يوليو/ 2005م) وأنا بالجزيرة الخضراء وسألته عن الحديث فأجابني قائلا: “الظاهر أن الحديث موقوف”، وعلى العموم ففي المسند المرفوع الغنية لأنه هو الذي تقوم به الحجة .. يقول الإمام السالمي -رحمه الله-:
وليس بالمقطوع والموقوف تقوم حجة ولا الضعيف ( ص 95)
15/ حكم الزيادة (أكل أو لم يأكل) في الحديث: “إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم”.
ينتهي الإمساك بتحقق غروب الشمس، لقوله عليه الصلاة والسلام: “إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم”، وزاد بعضهم في آخر الحديث:(أكل أو لم يأكل) ظنا منه أنه من الحديث وليس هو كذلك، بل هي زيادة مدرجة لبيان معنى الحديث فقط، وهي وإن كانت مدرجة في ذيل الحديث وليست من لفظه فلا يعني ذلك عدم صحتها في نفسها، بل هو تقييد صحيح لا غبار عليه. (ص 101)
16/ كان الصحابة رضي الله عنه يردون كل رواية تتعارض مع القطعي من القرآن، حينما لا يمكن الجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع.
كان الصحابة رضي الله عنه يردون كل رواية تتعارض مع القطعي من القرآن، حينما لا يمكن الجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع.
وهذا المنهج منهجٌ معروف ومتبع لديهم، ولذلك أمثلة كثيرة، كما فعلت السيدة عائشة رضي الله عنها حين ردَّت على ابن عمر في قضية تعذيب الميت ببكاء أهله عليه مستدلة بقوله تعالى:ﭐﱡﭐ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﱠ الأنعام: ١٦٤، وكما صنع ابن عباس رضي الله عنهما بحديث الحكم بن عمرو الغفاري في تحريم ذوات الناب من السباع والمخلب من الطير.
وعموما فإن هذا المنهج أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما رواه الربيع بسنده المتصل الصحيح عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني”، هذا عند وقوع التعارض والاختلاف وتعذُّر إمكان الجمع، أمَّا عند إمكان الجمع بوجه من الوجوه المعتبرة فلا يصار إلى الرد كما هو متقرر ومعلوم. (ص 105-106).
17/ قد جاء الحديث القدسي الرباني الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة سبحانه وتعالى: “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل….” من طرق أخرى يشد بعضها بعضا فيرتقي بذلك الحديث إلى درجة القبول.
جاء في الحديث القدسي الرباني الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة سبحانه وتعالى: “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه”، يقول الشيخ القنوبي حفظه الله ورعاه-: “قد جاء من طرق أخرى يشد بعضها بعضا فيرتقي بذلك الحديث إلى درجة القبول.. هذا الذي نراه في هذا الحديث”. (ص 110).
18/ يطلق الأثر في اصطلاح العلماء على معنيين: يراد به أحيانا ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويراد به أحيانا أخرى ما ورد عن السلف الصالح -رضي الله عنهم-.
يطلق الأثر في اصطلاح العلماء على معنيين: يراد به أحيانا ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويراد به أحيانا أخرى ما ورد عن السلف الصالح رضي الله عنهم، إلا أن المراد بالأثر في قولهم: “لا حظَّ للنظر عند ورود الأثر” هو الأثر المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو الذي يرفع النظر ويقطع الخلاف في المسائل، فقوله صلى الله عليه وسلم وحيٌ يوحى وليس نطقا بالرأي والهوى، وكل يؤخذ من قوله ويرد حاشا صاحب الروضة الشريفة صلى الله عليه وسلم، ولذا فلا يمنع النظر فيما ورد من آثار العلماء السابقين إن عرت هذه الآثار من الحجج والبينات. (ص 114).
19/ حكم الزيادة المروية: “اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت”.
من السنة أن يقول المفطر عند الإفطار: “ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله”، أما الزيادة المروية: “اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت” فهي وإن كانت من المروي إلا أنه لا يصح لها إسناد متصل للنبي صلى الله عليه وسلم فمن دعا بها فلا يعنف إلا أن قاعدتك هي أن “خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم”. (ص 117).
20/ ثبت النهي عن تقييد الدعاء بالمشيئة، إلا أن ذلك مستثنى في دعاء الإفطار.
ثبت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن تقييد الدعاء بالمشيئة؛ قال صلى الله عليه وسلم: “لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة فإنه لا مُكرِهَ له”، إلا إن ذلك- كما قال شيخنا القنوبي- مستثنى في دعاء الإفطار كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “وثبت الأجر إن شاء الله”. (ص117).
- المعتمد في فقه الصيام والزكاة، المعتصم بن سعيد المعولي، ط: 5 بيروت- لبنان 1441هـــ/ 2020م.
لتحميل المقال اضغط هنا