منهجية لقراءة كتب العقائد

محمد بن أحمد بن سالم البوسعيدي
لا ريب أن من أهم ما يعين طالب العلم في طريق العلم بعد الإخلاص لله وجمع الهمة للعلم أن يمتلك مفاتح العلم بمعرفة المنهج الذي يبلّغ الطالب مراده والسلم الذي يرتقي به لمصاف العلماء، وخير ما يعين على ذلك هو ثني الركب أمام العلماء، وحين كثر الراغبون في العلم وقل المعلمون شاعت أسئلة المنهج في مختلف الفنون إذ بغيابه يتعثر المبتدئون في أول الطريق ويتيه المتوسطون في وسطه.
وعلم التوحيد والعقيدة من أهم العلوم الشرعية بل هو أهمها على الإطلاق فهو أصل الدين وأسه الذي قامت عليه أركانه، وقد تشعبت الطرق والمذاهب في دراسة العقيدة، من ثم كان لزاما وضع منهج يرسم للطلاب خطة طلبه ودراسته والقراءة فيه، وقد قمت باجتهاد مني بوضع منهج لدراسة العقيدة على المذهب الإباضي عسى الله أن ينفع به الراغبين.
وقبل الدخول في المنهجية أنبه تنبيهات:
أولا: فعالية العقيدة في تعريف الإنسان بمبدأه ومصيره، وربطه بالله ودفعه لامتثال أمره واجتناب نهيه، والسعي لمرضاته وطلب جنته، وهذا هو الهدف الأسمى من دراسة العقيدة؛ فدراسة العقيدة ليست لأجل المماراة في المحاججات والمناظرات فليُنتبه لهذا.
ثانيا: إن كان هدف العقيدة الأسمى هو ربط الإنسان بالله ومصيره ليستقيم مسيره فليُعلم أن ذلك لا يُتحصل عليه من قراءة الكتب فقط بل بقراءة الكون وما فيه وتدبر آيات الله المنظورة في الوجود وآياته المسطورة في القرآن وما يمكن أن يوجد في الكتب هو مزيد بيان وتفصيل ومناقشة وتشعب في ذكر بعض الأقوال والخلافات في فهم بعض الجزئيات.
ثالثا: المنهج الذي سأذكره اجتهاد مني وهناك من هم أعلم مني في هذا المجال فلا تُترك مناهجهم خاصة إن كانوا معلمين للطالب فليس هناك منهج أوحد للطلب، وحيث كان الطريق موصلا فليسلكه الطالب.
رابعا: ليُنتبه للأخطاء الطباعية في بعض الكتب التي قد تقلب المعنى فتحيل العلم جهلا؛ لذلك يُنصح بالقراءة الجماعية أو جلسات المناقشة بعد القراءة أو السؤال لتكتمل الفائدة ويقل سوء الفهم بتجاوز تلك الأخطاء.
ولنشرع الآن في رسم المنهج:
البداية بكتب المعاصرين السهلة ومن أيسرها “عقيدتي” لسلطان الهنائي (طبعة مكتبة الجيل الواعد)، ثم أول متن هو “غاية المراد” للإمام السالمي وله أربعة شروح مشتهرة وترتيبها من الأيسر:
- الخلاصة لسالم البوسعيدي (ط مكتبة الأنفال)
- شرح عبدالله القنوبي (ط مكتبة وتسجيلات البدر)
- شرح سماحة الشيخ أحمد الخليلي (ط الجيل الواعد- الكلمة الطيبة)
- بداية الإمداد للشيخ سليمان الكندي (ط وزارة التراث – روائع نور الاستقامة) ويمكن تقديم بداية الإمداد على شرح الشيخ الخليلي.
ثم متن “أنوار العقول” للإمام السالمي وله ثلاثة شروح:
- لطيف الحوار لمهنا الكندي (ط الجيل الواعد)
- بهجة الأنوار للإمام السالمي (ط خزائن الآثار – روائع نور الاستقامة)
- مشارق أنوار العقول (ط الاستقامة – ودار الجيل التي في مجلدين وهي الأفضل حتى الآن).
ومن المهم أن يتخلل شروح الأنوار كتاب في المنطق كضوابط المعرفة للميداني (ط دار القلم) خاصة قبل المشارق.
ولأصحابنا المغاربة متون معتمدة في العقيدة كمتن “عقيدة التوحيد” الذي ترجمه عن البربرية الشيخ أبو حفص عمرو بن جميع، وعليه ثلاثة شروح بين يدي للشيخ البدر أحمد الشماخي، والشيخ داود التلاتي، وقد جُمعا في كتاب (ط دار الحكمة – لندن)، وشرح القطب امحمد اطفيش عليه المسمى “شرح عقيدة التوحيد” (ط جمعية التراث- الجزائر).
ومتن “نونية التوحيد” للشيخ فتح بن نوح الملوشائي، وعليه شرح للشيخ أبي طاهر الجيطالي، وشرح الشيخ عبد العزيز الثميني المسمى “النور”، ولم أطلع عليهما ولعلهما في عداد المخطوطات، وشرح الأستاذ راشد البوصافي “جلي الشروح” (ط خزائن الآثار) مختصر عليها.
وهناك كتب متخصصة سلطت الضوء على مسألة الولاية والبراءة كـ“التأصيل القرآني” للشيخ إبراهيم الصوافي و”كرسي أصول الدين” (ط الضامري – بيت الغشام) للمحقق سعيد بن خلفان الخليلي و”التخصيص” (ط وزارة التراث) للشيخ أحمد الكندي و“الاستقامة” (ط وزارة التراث) للشيخ أبي سعيد الكدمي.
وبعد فهم ما سبق يكون الطالب قد ألم بأغلب مسائل العقيدة في المذهب، ويمكنه بعد ذلك أن يتوسع بقراءة كتب أخرى لا غنى عنها، وأنا أستطرد في ذكر بعضها لأعرِّف بها وأدلَّ الطلاب عليها، فمنها كتاب “النور” للشيخ أبي عثمان الأصم (ط وزارة التراث – وذاكرة عمان وهي الأفضل ولما أرها بعد)، وكتاب “الدليل والبرهان” للشيخ أبي يعقوب الوارجلاني (ط وزارة التراث)، وكتاب “التحف المخزونة” لأبي الربيع المزاتي (ط خزائن الآثار، وفيها مقدمة نفيسة للأستاذ محمود الأندلوسي)، وكتاب “العقيدة الوهبية” (ط مكتبة مسقط) للشيخ أبي مسلم البهلاني، وكتاب “البعد الحضاري للعقيدة الإباضية” للشيخ فرحات الجعبيري (ط مكتبة الاستقامة)، ودراسة المستشرق بيير كوبرلي “مدخل إلى دراسة الإباضية وعقيدتها” (ط الضامري – الفرقد – بيت الغشام).
وكذلك الأجزاء الأولى لبعض الكتب الفقهية المطولة المخصصة للكلام في العقائد ككتاب “الضياء” للشيخ أبي سلمة العوتبي (ط وزارة التراث – وزارة الأوقاف) وكتاب “بيان الشرع” للشيخ محمد الكندي (ط وزارة التراث) وكتاب “منهج الطالبين وبلاغ الراغبين” للشيخ خميس الشقصي(ط وزارة التراث- مكتبة مسقط) وكتاب “قاموس الشريعة” للشيخ جميل السعدي (ط وزارة التراث – الجيل الواعد).
وهناك كتب معنية بالآراء الكلامية لبعض العلماء:
كآراء أبي يعقوب الوارجلاني لدليلة خبري (ط مكتبة مسقط)، وآراء أبي طاهر الجيطالي لباباو بن بكير (ط جامعة الجزائر)، وآراء الشيخ ناصر بن أبي نبهان لسلطان الحجري (ط الجيل الواعد)، وآراء المحقق الخليلي لعبد الله الغافري، وآراء القطب اطفيش لدكتور مصطفى وينتن (ط جمعية التراث)، و”الإمام السالمي وآراؤه في الإلهيات” لمبارك الهاشمي (ط مكتبة الضامري)، وآراء الشيخ إبراهيم بيوض لحمو الشيهاني (ط جمعية التراث)، وآراء سماحة الشيخ للدكتور محمد الزيني (ط مكتبة مسقط).
أما الكتب الكلامية فوقفت على اثنين: “الموجز” لأبي عمار عبدالكافي (ط دار الجيل) و”معالم الدين” للشيخ عبدالعزيز الثميني (ط وزارة التراث)، وهي مهمة للدخول في الكتب الكلامية، ويمكن بين ذلك الولوج لكتب الحِجَاج كـ”الحق الدامغ” لسماحة الشيخ الخليلي(ط الاستقامة- دار الحكمة- الكلمة الطيبة)، ونصل بعد ذلك لسقفها جميعا كتاب “برهان الحق” لسماحة الشيخ أحمد الخليلي (ط الكلمة الطيبة).
ولا بد من الاطلاع على كتب المتكلمين والسلفية لتكتمل الصورة، ولترسيخ الأدلة وتثبيت المقالات، فتتحصل ملكة النقاش والاستدلال، ولا نغفل مع كل ذلك عن علم الأصول أصول الفقه الذي يعين على فهم النصوص وله منهجيته الخاصة.
هذا ما تيسر لي قوله، وهناك مواضيع مهمة تخدم العقيدة ككتب الملل والنحل وبعض جوانب الفلسفة وتاريخ علم الكلام وكتب الردود المعاصرة والله الموفق والمستعان.
لتحميل المقال اضغط هنا
– صورة عرض المقال منقولة