بحوث ودراسات

مقاصد المكلفين عند الشيخ درويش بن جمعة المحروقي (ت1086هـ)

د. سالم بن سعيد بن محمد الحارثي

تتبوأ مقاصد الشريعة منزلة عالية منيفة في الدرس الأصولي، إذ يسترشد بها المجتهد عند بحث النوازل الفقهية للوصول لحكم الله -عز وجل- فكل اجتهاد خالف مقصد الشارع كان ذلك إيذانا بخلل في اجتهاده، ولأجل ذلك وجب عليه إعادة النظر، ليتسق اجتهاده ومقصد الشارع من تشريع الأحكام، وللأصوليين والفقهاء في قادح فساد الوضع في القياس نظر فسيح، إذ جعلوا من القوادح التي يُرَدّ بها القياس أن «ألا يكون القياس على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم كتلقي التضييق من التوسع والتخفيف من التغليظ والإثبات من النفي والعكس»([1])

تعريفها بالاعتبار الإضافي

المقاصد جمع مقصِد، وهو مصدر ميمي، وله ثلاثة أصول في اللغة كما يقول ابن فارس وهي: إتيان الشيء، وأَمُّه والاكتناز في الشيء، فمثال إتيان الشيء قولهم: أقصده السهم إذا أصابه، وأما مثال معنى الأَمِّ فقولهم: قصدت الشيء كسرته، والقِصدةُ القطعة من الرمح، ومثال الأصل الثالث: الناقة القصيد، وهي المكتنزة([2]).

والشريعة كما ذكرها العلامة القطب -رحمه الله-:”وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات”([3]).

تعريفها بالاعتبار العلمي

لم أقف على تعريف للمقاصد عند المتقدمين مع شدة عنايتهم بالحدود والتعريفات، فالشاطبي وهو من أبرز من خصوا المقاصد بالتصنيف لم يعرج على تعريف للمقاصد، حتى الذين سبقوه من الأصوليين كالقرافي والجويني، وهم من أوائل من تحدثوا عن المقاصد لم يذكروا حدا للمقاصد، ولعل من أوائل من عرَّفها الطاهر بن عاشور بعد أن قسم المقاصد إلى قسمين، مقاصد عامة ومقاصد خاصة، فعرَّف العامة بأنها: “المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة”([4]) ، أما المقاصد الخاصة فعرفها بأنها: الكيفيات المقصودة للشارع لتحقيق مقاصد الناس النافعة أو لحفظ مصالحهم العامة في تصرفاتهم الخاصة”([5])، ثم انطلق الباحثون يتناولون المقاصد بتقسيمات مختلفة، سواء باعتبار المصالح التي جاءت لرعايتها، أو مرتبتها في القصد، أو باعتبار الظن والقطع أو باعتبار محل صدورها، وهذا الاعتبار الأخير هو محل تناول المقال، وهو جارٍ على منهج الشاطبي الذي قسم المقاصد إلى قسمين: مقاصد الشارع، ومقاصد المكلَّف.

ويقصد بمقصد المُكَلّف نيته وقصده في أداء العبادة، إذ النية أعظم محل لنظر الله جل وعلا، وسببٌ لقبول العمل أو رده، ولذا فليس عجيبا أن يكون حديث “الأعمال بالنيات” ثلث العلم وقيل: نصف العلم.

وبالنظر لمصنفات أهل العلم نجدهم يولون هذا الشأن العناية اللائقة به، ومن أبرز هذه المؤلفات التي عُنيت بهذه العبادة العظيمة، كتاب الدلائل في اللوازم والوسائل، للشيخ الزاهد درويش بن جمعة المحروقي([6]) -رحمه الله- الذي أولى هذه العبادة العظيمة العناية البالغة وأبانها البيان الشافي، وفي السطور القادمة صور من هذا البيان.

مقاصد المكلفين عند الشيخ درويش بن جمعة المحروقي

لمقاصد المكلفين أهمية كبرى عند الشيخ المحروقي، ومن ثم فقد مزجها بالفقه مزجا يستصحبه المسلم وهو يؤدي العبادة، ولذا فقد بث هذه المقاصد في أغلب أبواب الفقه التي تطرق إليها في كتاب الدلائل الذي هو محل التتبع في هذا المقال.

وقد عبر عن المقصد بألفاظ وأساليب مختلفة، منها:

  • لفظة “اعتقد” فمن ذلك حديثه عند فرض الصلاة: “واعتقد في قلبك أنك تؤدي ما افترضه الله عليك”([7]).
  • لفظة “انو” وذلك في سياق حديثه عن تجديد النية لكل يوم من رمضان فيقول:”وإن أردت تجديد النية في كل ليلة فهو أفضل، فانو آخر الليل إن نويت أن تقوم وإلا فانو أوله” ([8])
  • لفظة “احذر” وذلك عند الحديث عن المقاصد المذمومة التي لا تتوافق مع قصد الشارع ومن ذلك قوله: ” واحذر أن يحملك الطمع لترضي من أنت واسطة له بكثرة ما تحمله إليه من الزكاة” ([9]).
  • استحضار الحالة التي ينبغي أن يكون عليها المكلف فمن ذلك حديثه عن المقصد المندوب عند مغادرة المدينة المنورة ” فإذا هممت بالخروج فودع بتسليم أيضا، وارجع كئيبا لمفارقة مكان رسول الله r” ([10]).
  • لفظة “يريد” فعند حديثه عن ألفاظ الطلاق الكنائي يقول: “ونحو هذا هو الذي يريد به الطلاق ويكنى به عن ذكره، وإن أردت به الطلاق وقع، وإن لم ترد به الطلاق فقد اختلفوا فيه، وأحد أن يرد ذلك إلى نية القائل”([11]).
  • لفظة “الحيلة” ففي معرض حديثه عن بيع الخيار يقول: :”كذلك إن أخذ أحد منك دراهم معلومة وباع لك بها بيته أو ماله أو شيئا من ماله، بيع خيار حيلة منكما ليجوز لك أخذ الغلة وليس قصدك للشراء حقيقة، ولا قصده هو البيع بل مرادكما جميعا ليجوز لك أخذ الزيادة فهذا لا يجوز فاحذره”([12]).

مقاصد المكلفين في أبواب العبادات

يأتي الحديث عند الشيخ المحروقي في مقاصد المكلفين في باب العبادات بشكل واضح، ففي الحديث عن الصلاة يؤكد على أهمية عقد نية الاستجابة لأمر الله عز وجل :” واعتقد أنك مجيب لمن أمرك بها بقوله: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) البقرة: ٤٣” ([13]) ، ويكرر هذا المعنى مرة أخرى بقوله “واعتقد في قلبك أنك تؤدي ما افترضه الله عليك” ([14]).

ثم يوصي المكلف باستصحاب النية وتحسين مقصده في أدق تفاصيل العمل، ففي الركوع يوصيه أن يستصحب قصد الخضوع يقول “بل الواجب أن تخضع خضوع العبد الذليل، المحتاج المسيء بين يدي السيد الكريم الغفور العفو”([15]) ، وكذا الحال عند السجود يوصيه أن يكون قصده من السجود مزيد التذلل “بل يكون وضعك الرأس كالأسير المخطئ بين يدي القادر على إهلاكه زيادة على الأسر، وقادر على فكاكه من غل الأسر” ([16]).

ثم يأتي الحديث عن التسليم من الصلاة فيبين الشيخ المحروقي النية التي يستصحبها حال التسليم فيقول: “فقل سلام عليكم وتلتفت إلى يمينك وتنوي به الملائكة الحفظة عليك، وقل أيضا ورحمة الله متصلا به ولا تقطع بين ذلك والتفت به إلى يسارك تعم به في نيتك جملة المؤمنين”([17]) ثم يبين الشيخ القصد الذي ينبغي أن يكون عليه المكلف بعد الانتهاء من الصلاة لئلا يداخله قصد الغرور أو الرياء فيقول: “فإذا خرجت من الصلاة فكن بين الخوف والرجاء، راجيا للقبول، إن جئت بها على الوجه المأمور، خائفا من الرد من قبل التفريط والتقصير”([18]).

وعند الحديث عن الإمامة للصلاة يأتي الخطاب من المؤلف تنبيها للمتصدر للإمامة من أن يداخله شيء من المقاصد التي تنافي مقصد الشارع من العبادة فيقول:” والله مطلع منك على ذلك فكنت في الظاهر قدام الناس إلى امتثال أمر الله، وفي الباطن خلفهم على طرق الهلاك، فإنه قيل إن الإمام إذا لم يقصد في صلاته وجه الله فهو مع فرعون وإبليس لعنهما الله”([19])

ولا يغفل المؤلف أن يُذَكِّرَ المسلم بالمقاصد التي ينبغي استصحابها حال البلاء والمرض فينوي بقلبه تذكر أهوال المحشر، ففي باب صلاة المريض يقول :”وإنما جعل البلاء لمصلحة العبد إما ليتذكر أو يتعظ، إن كان له قلب حي، لأن الأمراض مكروهة فعساه يتذكر الآخرة وما فيها من الأمراض”([20])

وعندما ينتقل المؤلف إلى باب الزكاة، فإنه يواصل منهجه بالحديث عن مقاصد المكلفين في الزكاة فيؤكد أولا على شكر نعمة المنعم فيقول: “فإذا عرفت هذا فالزم الشكر ليلا ونهارا لمن أعطاك، وخف منه إن قصرت ذهاب ما خولك”([21]) ، ثم يحذر من نية الطمع الباعثة على أكل أموال الناس بالباطل أو خيانة أمانة جباية الزكاة فيقول:” واحذر أن يحملك الطمع لترضي من أنت واسطة له بكثرة ما تحمله إليه من الزكاة”([22]).

وعند حديث المؤلف عن  عقد نية الصيام ينبه على مسلك دقيق في النية ويحتاج إلى جهد وصبر ومثابرة، فهو لا ينصح بمجردِ عقدِ نيةِ الامتثالِ فحسب، بل يرشد المكلف إلى الإقبال على الطاعة برغبة وشوق فيقول: “واعتقد صيامه، وانو قيامه، بحب لا بتكلف وبخضوع وخشوع لا بتعسف”([23]) .

وفي معرض حديثه عن النية في الصيام أهي واجبة لكل يوم باعتبار أن رمضان فرائض متعددة، أو تجزي نية واحدة باعتبار أن رمضان فريضة واحدة، ينصح الشيخ المحروقي المكلف أن يجدد نيته فيقول: “وإن أردت تجديد النية في كل ليلة فهو أفضل، فانو آخر الليل إن نويت أن تقوم وإلا فانو أوله”([24]).

وعند انتقال المؤلف إلى باب الحج، يأتي الحديث مرة أخرى عن مقاصد المكلفين، فينبه المكلف إلى استصحاب قصد التوبة وحط الأوزار فيقول:” لِتُعَدَّ من جملة من أجاب الملك إلى الحضرة، فكيف بما ترجوه من حط الأوزار وزيارة قبر النبي المختار r والنجاة من النار والوصول برحمة الله إلى دار القرار”([25]).

ولا يغفل المؤلف تنبيه المكلف على اجتناب اللغو والعبث ليكون ذلك أدعى إلى استحضار المقاصد العالية التي أمر بها فيقول:” ولا يكون طوافك وسعيك ووقوفك ودعاؤك في تلك الأمكنة إلا بخضوع له وتذلل وخوف منه وحضور قلب بما تدعو فلا يكون الدعاء بلسانك كالعبث واللغو وكلام اللهو”([26]).

وعند مغادرة تلك العراص المقدسة، ينبغي للمسلم أن يستشعر قصد الندم على التقصير، حال هذه العبادة كغيرها من العبادات، فيقول: “وكن نادما على التقصير، فرحا بالتيسير”([27])، كما يرشد الشيخ المحروقي المكلف أن يستشعر في قلبه الحزن على مفارقة مكان النبي r عند مغادرة المدينة المنورة، فيقول: “فإذا هممت بالخروج فودع بتسليم أيضا، وارجع كئيبا لمفارقة مكان رسول الله r” ([28]).

مقاصد المكلفين في فقه النكاح

شرع الله النكاح لمقاصد عظيمة جليلة، تَعَرَّضَ الشيخ المحروقي لبعض منها مما لا يستغني عنها عامة المكلفين، ففي بداية الحث على الزواج، يبين الشيخ المحروقي أنه ينبغي للمسلم أن يقصد به تحصين نفسه “فعجل في التزويج لتحصن نفسك”([29])، ولا يكون القصد من الزواج مجرد التذوق “واحذر أن تكون من الذواقين والذواقات وخف من أجل ذلك دخول المشقات” ([30]).

ثم يمضي المؤلف في الحديث عن أحكام الطلاق التي تدخلها مقاصد المكلفين فيأتي إلى ألفاظ الكناية في الطلاق فيقسمها إلى قسمين: قسم فيه خلاف بين أهل العلم أهو من الصريح أو الكناية،  فيقول:” وإن كنيت فقلت لها قد سرحتك أو فارقتك وقد أردت به الطلاق وقع به الطلاق، وإن لم ترد به الطلاق ففيه اختلاف، وأكثر القول فيما عندي أنه يقع به الطلاق لأنه مذكور ذلك في القرآن الكريم”([31]) ، وقسم من الكناية باتفاق، فبعد أن ذكر ألفاظا منه كتباعدي واعتدي واستتري قال: “ونحو هذا هو الذي يريد به الطلاق ويكنى به عن ذكره، وإن أردت به الطلاق وقع، وإن لم ترد به الطلاق فقد اختلفوا فيه، وأحبُّ أن يرد ذلك إلى نية القائل”([32]).

وكذا في الحديث عن طلاق المكره فيدخله أيضا مقصد المكلف، أقصد به دفع الأذى أو إيقاع الطلاق، فيقول فيه:” فلا تطلق زوجتك بطلاق الجبر ما لم تعزم عليه بقلبك”([33])

وفي الحديث عن مسائل الظهار يأتي الحديث عن قول الرجل لزوجته أنت كأمي أو أختي أو ابنتي أو غيرها من الأقوال التي ليست نصا في الظهار فيقول: “فلا يكون ذلك ظهارا ولا تلزمك يمين لأن ذلك ينصرف إلى معان، إلا أن تنوي به التحريم فيكون كالظهار”([34]).

وفي الحديث عن طلاق الخيار مسألة معلقة بالمقصد فيقول: “إذا قلت لزوجتك اختاريني أو اختاري نفسك فاختارت نفسها طلقت، وقول لا تطلق حتى تريد به الطلاق وهذا القول أحب إلي لأنه يمكن أن يقول لها على وجه العتاب”([35]).

ثم ينبه الشيخ المحروقي إلى المقصد الفاسد في الخلع، وذلك إن قصد الرجل من مُضَارَّة زوجته أن تفتدي منه فيقول:” واحذر يا أخي رحمنا الله وإياك إذا تزوجت امرأة وكرهتها أن تضارها لتفتدي منك، واتق الله عز وجل ولا تأكل الحرام ولا تكن كقاطع الطريق على الناس لتأكل أموالهم”([36]).

وفي الحديث عن عدة المميتة يرى الشيخ أنه لا بد للمعتدة من النية، فيقول:” ثم قل لها من حين ما يموت عنها زوجها تعقد النية بقلبها ولسانها أنها معتدة عدة الوفاة من زوجها”([37])، ولعل الشيخ يرى أن العدة غير معقولة المعنى ولذا فقد فرع على أصله في مسألة إتيان المرأة خبر زوجها متأخرا فيقول: “وأما إن كان زوجها غائبا وجاءها خبر موته فلتعتد وتحسب العدة من حين ما جاءها الخبر لا من ساعة موته”([38]).

مقاصد المكلفين في فقه البيوع

تطرق الشيخ المحروقي – رحمه الله – إلى فقه البيوع، بيد أنه لم يطل فيه، وبدأه بمقدمة تزهد الإنسان في الدنيا وأن عليه أن يشتغل بالتزود للآخرة، وحذر من المقاصد الباطنة التي تهدم عمل الإنسان.

فمن المقاصد الفاسدة الحسد، فبعدما ذكر المحرمات من الأعمال قال: “وكذلك الحسد لما في أيدي الناس مما خولهم الله تعالى من الأموال والأولاد والحيوان”([39])، ثم أتت باقي المقاصد المحرمة التي نبه إليها المؤلف فمنها أكل أموال اليتامى ظلما، فلئن كان الله تعالى قد وسع في الخلطة مع اليتامى، فإن التحايل عليهم قصدا إلى أكل أموالهم أمر محرم، وفي ذلك يقول المؤلف:” ومن أكل أموال اليتامى ظلما إنما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا”([40]).

ومن المقاصد التي يأثم بها الإنسان، أخذ أموال الناس عمدا، ويأتي التفريق هاهنا من المقصد فإن أخذها خطأ فليزمه الضمان فقط وإن كان عمدا فيأثم بذلك فالمقصد مؤثر في العمل، يقول المؤلف: “والضمان يلزم بفعل العمد والخطأ، إلا أن في فعل العمد زيادة الإثم، وفي الخطأ الضمان بغير إثم”([41]).

وفرع على مسألة الضمان، إذا كان الإنسان عارفا بأنه مبتلى بإضرار غيره بعين الحسد، فإن علم من نفسه ذلك وجب عليه الضمان، يقول صاحب الكتاب: “وكذلك ما أصبت أحدا بعينك من قبل فرح أو حسد إذا كنت قد عرفت بنفسك بذلك من قبل فعليك ضمان ما أصبت”([42]).

ومن المقاصد المحرمة الداعية إلى ارتكاب ما يأثم به الإنسان الطمع، ولذا يحذر الشيخ من هذا المقصد في باب القسمة فيقول: “ولا يحملنك الطمع على أخذ زيادة مثقال لك أو لمن يميل هواك إليه، واعلم أنك غدا مسؤول عن ذلك”([43]).

ومثل ذلك من المقاصد المحرمة ما يقصده بعض الأوصياء عند كتابة الوصية بزعم أن عليهم حقوقا لورثتهم وليس الأمر كذلك، والمقصد من هذا مضارة الورثة، فينبه المؤلف على ذلك فيقول: “ولا تضار ورثتك في أن توصي بمالك لمن ليس له حق فاحذر أن تضارهم”([44]).

وكذا في باب  الإنفاق في سبيل الله فلا بد من إخلاص المقصد لئلا يتطرق إليه شيء مما يغضب الله عز وجل، ولو كان في ظاهر الأمر أنه في سبيل الله، فيقول: “ولا ينوي بإنفاقه (أي في وجوه البر) مضار العيال بل ينفقه متقربا به إلى من خَوَّلهُ إياه راجيا ثوابه”([45])

وقد تطرق الشيخ – رحمه الله- إلى الحيل في أبواب البيع، وبين حكمها عند الله عز وجل، فمن ذلك بيع الخيار أو ما يسمى ببيع الوفاء أو الإقالة، وهو عقد بيع في الظاهر يأخذ البائع الثمن والمشتري المبيع، وينتفع بغلته إلى مدة معلومة ثم يعيد البائع الثمن ويعيد المشتري المبيع، وكل ذلك تحايل للتوصل إلى القرض بزيادة الانتفاع بالغلة، فيقول: “كذلك إن أخذ أحد منك دراهم معلومة وباع لك بها بيته أو ماله أو شيئا من ماله، بيع خيار حيلة منكما ليجوز لك أخذ الغلة وليس قصدك للشراء حقيقة، ولا قصده هو البيع بل مرادكما جميعا ليجوز لك أخذ الزيادة فهذا لا يجوز فاحذره”([46]).

لتحميل المقال اضغط هنا

– صورة عرض المقال منقولة


[1]البخاري، كشف الأسرار،ج4، ص43

[2] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، باب قصد

([3]) محمد بن يوسف أطفيش ، شرح النيل وشفاء العليل، ، مكتبة الإرشاد، السعودي، جدة، ط2، 1972م، ج2، ص6

([4]) محمد الطاهر بن عاشور ، مقاصد الشريعة الإسلامية، ، دار النفائس، الأردن، عمان، ط2، 2001، ص251

([5]) المرجع السابق/ 411

[6] هو الشيخ الفقيه القاضي درويش بن جمعة المحروقي، ولد سنة 1020ه، من بلدة الروغة من أعمال أدم، أخذ العلم عن الشيخ صالح بن سعيد الزاملي والشيخ مسعود بن رمضان النبهاني وغيرهما، له من المؤلفات الدلائل في اللوازم والوسائل، وجامع التبيان الجامع للأحكام والأديان، والفكر والاعتبار وغيرها من الكتب والرسائل، توفي -رحمه الله – سنة 1086هـ.انظر: فهد بن علي السعدي ، معجم الفقهاء والمتكلمين الإباضية [قسم المشرق]، ، مكتبة الجيل الواعد، سلطنة عمان، مسقط، ط1، 1428ه/2007م، ج1، ص214.

([7]) درويش بن جمعة المحروقي ، الدلائل في اللوازم والوسائل، ، مكتبة الضامري ، ط5، 1996م، ص 55

([8]) المرجع السابق/ 105

([9]) المرجع السابق/  103

([10]) المرجع السابق/ 136

([11]) المرجع السابق/ 193

([12]) المرجع السابق/ 212

([13]) المرجع السابق/ 52

([14]) المرجع السابق/ 55

([15]) المرجع السابق/59

([16]) المرجع السابق/ 59

([17]) المرجع السابق/ 61

([18]) المرجع السابق/ 61

([19]) المرجع السابق/ 74

([20]) المرجع السابق/ 79

([21]) المرجع السابق/ 94

([22]) المرجع السابق/  103

([23]) المرجع السابق/ 104

([24]) المرجع السابق/ 105

([25]) المرجع السابق/ 116

([26]) المرجع السابق/ 129

([27]) المرجع السابق/ 133

([28]) المرجع السابق/ 136

([29]) المرجع السابق/ 166

([30]) المرجع السابق/ 185

([31]) المرجع السابق/ 192

([32]) المرجع السابق/ 193

([33]) المرجع السابق/ 190

([34]) المرجع السابق/ 196

([35]) المرجع السابق/197

([36]) المرجع السابق/ 198

([37]) المرجع السابق/ 202

([38]) المرجع السابق/ 203

([39]) المرجع السابق/ 207

([40]) المرجع السابق/ 238

([41]) المرجع السابق/ 220

([42]) المرجع السابق/221

([43]) المرجع السابق/ 264

([44]) المرجع السابق/ 282

([45]) المرجع السابق/ 288

([46]) المرجع السابق/ 212

يسعدنا تقييمك للمقال

تقييم المستخدمون: 3.65 ( 2 أصوات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى