مبيحات الفطر المشقة والسفر[1]

عزان بن سعيد بن سيف الخوالدي
الأمر الأول: شرح الضابط:
هذا الضابط جمع مبيحات الفطر عامة, فهي لا تخرج عن السفر والمشقة كما يبدو, ولم ينص الإمام على هذا الضابط وإنما أخذته من مجموع النصوص والفروع الواردة في مبيحات الفطر عند الإمام.
مبيحات الفطر:
السفر: وهو مبيح للفطر, ليس موجبا له([2]), وقد أخرجته عن المشقة وأفردته بالذكر؛ لأنه قد لا يكون فيه مشقة, فعلة إباحة الفطر في السفر هي السفر, فلا يمكن تعليق الفطر في السفر على المشقة لعدم انضباطها فيه([3]).
المشقة: والمراد بها المشقة البالغة الشديدة وليست المشقة المعتادة كالتعب الخفيف الذي يجده الصائم([4]), فيدخل في ذلك كل من يشق عليه الصيام مشقة بالغة.
الأمر الثاني: أدلة الضابط:
أولا: السفر: الدليل على أن السفر مبيح للفطر لا موجب له قول الله تعالى: “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”(البقرة:184), ومن السنة قول أنس بن مالك: “سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ مِنَ الْمُفْطِرِ وَلاَ الْمُفْطِرُ مِنَ الصَّائِمِ”([5]), وهذا الحديث فيه دلالة على أن الفطر والصوم جائزان في حق المسافر, وهو مقتضى قوله تعالى: “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”(البقرة:184), والمقصود منها الترخيص للمسافر، وقد ثبت “أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صام وأفطر”([6])، فدل ذلك على جواز الأمرين([7]).
ثانيا: المشقة: الدليل على أن المشقة مبيحة للفطر ورود إباحة الفطر للمريض الذي يشق عليه الصوم فالله تعالى يقول: “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”(البقرة:184).
الأمر الثالث: تطبيقات الضابط:
- الحامل إن كانت تجد مشقة بالغة في الصوم بسبب الحمل فلها الفطر رفعا للحرج والمشقة فهي كالمريض الذي يجد مشقة بالغة في الصوم بسبب المرض.
- المريض إن كان يشق عليه الصوم مشقة بالغة بسبب المرض فله أن يفطر رفعا للحرج والمشقة([8]).
- السفر من مبيحات الفطر, فالمسافر له أن يفطر ولو لم يجد مشقة فبمجرد كونه مسافرا يباح له الفطر([9])؛ لأن المشقة لا تنضبط فقد تحصل في سفر ولا تحصل في سفر آخر, ولذلك لم يعلق عليها الفطر في السفر.
لتحميل المقال اضغط هنا
([1]) هذا هو الضابط التاسع من ضوابط الصيام عند الإمام السالمي من كتاب معارج الآمال.
([2]) انظر: السالمي, معارج الآمال, مرجع سابق, ج8, ص150, وابن بركة, الجامع, مرجع سابق, ج2, ص1064, والشماخي, الإيضاح, مرجع سابق, ج2, ص292.
([3]) انظر: السالمي, معارج الآمال, مرجع سابق, ج8, ص162.
([4]) قال الإمام في الجوابات مبينا حد المشقة: “كيف يمكن أن يقال كل مرض مرخص مع علمنا أن في الأمراض ما ينفعه الصوم, فالمراد منه ما يؤثر الصوم في تقويته, ثم تأثيره في الأمر اليسير لا عبرة به؛ لأن ذلك قد يحصل ممن ليس بمريض أيضا, فإذن يجب في تأثيره ما ذكرناه”. السالمي, عبد الله بن حميد بن سلوم, جوابات الإمام السالمي, تنسيق ومراجعة: د.عبد الستار أبو غدة, د.ط, (سلطنة عمان: مكتبة الإمام السالمي, بدية), ج2, ص333.
([5]) الفراهيدي, الجامع الصحيح, مرجع سابق, رقم الحديث: 307, ج1, ص79.
([6]) البخاري, صحيح البخاري, مرجع سابق, رقم الحديث: 1846, ج2, ص687.
([7]) انظر: السالمي, معارج الآمال, مرجع سابق, ج8, ص150.
([8]) انظر: السالمي, معارج الآمال, مرجع سابق, ج8, ص176, والجيطالي, قواعد الإسلام, مرجع سابق, ج2, ص101.
([9]) انظر: السالمي, معارج الآمال, مرجع سابق, ج8, ص150 و162.