أثر ابن عمر الوارد في الخوارج: نظراتٌ في ثبوت المقالة وتوجيه الدلالة

عمـر بن أحمـــد بن حمــد الخليلــي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد؛
فكثيرًا ما يَجبَهُ المنكرون لتناول عموم نصوص الوعيد لعصاة الموحدين من يستدل بها بأثرٍ واردٍ عن ابن عمر رضي الله عنهما في الحرورية، وهو ما رواه ابن وهب في موطئه
قال: “أخبرني عمرو بن الحارث أن بُكيرًا حدَّثه أنه سأل نافعًا: كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية؟ قال: يراهم شرار خلق الله، قال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار[1]، فجعلوها على المؤمنين.”[2]
ويجعلون الاستدلال بعموم نصوص الوعيد على شمولها لعصاة الموحدين علامةً على اتصاف القائل بسمة من سمات الخوارج، مما يجعله مستحقًّا للذم الذي ورد عن ابن عمر في الحرورية، وجعل علّته تنزيل آيات الكفار على المسلمين[3].
وقد سعيت في مقالي هذا إلى التحقق من ثبوت هذا الأثر عن ابن عمر، وبيان معناه في حال ثبوته.
والنظر في الأدلة ينبغي أن يكون نظرًا شاملًا غير مجتزئ لبعضها عن بعض، إذ إن الأدلة تتكامل ولا تتضاد.
وسأقسِّم الكلام على الرواية إلى مطلبين: أحدهما في الثبوت والآخر في الدلالة
المطلب الأول: في ثبوت الرواية
لم أجد من تكلَّم في ثبوت الرواية إلا الحافظ ابن حجر، فقد صحح إسنادها في الفتح وتغليق التعليق كما تقدَّم، وتابعه على هذا بعض المعاصرين.
وظاهر إسناد الرواية الاتصال، إلا أن راويها ابن وهب -وإن كان ثقة ثبتًا- متكلَّم فيه:
- قال عنه ابن سعد في الطبقات الكبرى “عبد الله بن وهب مولى لقريش وكان كثير العلم، ثقة فيما قال حدَّثنا، وكان يدلِّس”[4].
- قال يحيى بن معين “عبد الله بن وهب المصري ليس بذاك، وابن جريج كان يستصغره”[5].
- قال القاضي عياض “قال يحيى بن يحيى: سمعت ابن وهب يحدِّث بحديث فيه: بعد العشرين ومائة ليربِّ أحدكم جروًا خيرًا له من أن يربِّي ولدًا، فاستنكرت ذلك عليه، فقال له: يا أبا محمد، ما أراك فيما أتاك الله من فضله ولدت إلا بعد هذا الرجل، فقال لي: نعم، فوالله ما عاد إلى ذكر الحديث حتى فارقتُه، قال يحيى: ولو كان أحدٌ يسلم من عيب الإكثار لسلم منها ابن وهب، وقال النسائي: لا بأس به إلا أنه تساهل في الأخذ تساهلًا شديدًا، قال ابن سعيد: وكان يدلِّس، قال سعيد بن منصور: وكان عبد الله بن وهب يسمع معنا عند المشايخ، فكان ينام في المجالس، ثم يأخذ الكتب من بعضنا فيكتبها، قالوا وهو أول من فرَّق بمصر بين نا وأنا”[6].
- قال عنه ابن فرحون “قال أبو زيد: اجتمع ابن وهب وابن القاسم وأشهب على أني إذا أخذتُ الكتاب من المحدِّث أن أقول فيه: أخبرني، وقال النسائي: لا بأس به، إلا أنه يتساهل في الأخذ تساهلًا شديدًا”[7].
- قال الحافظ ابن حجر في النكت “وأما ابن وهب فقد قال غير واحد أنه كان غير جيِّد التحمُّل”[8].
- وذكره في المرتبة الأولى من مراتب التدليس في كتاب طبقات المدلِّسين قال “عبد الله بن وهب المصري الفقيه المشهور، وصفه بذلك محمد بن سعد في الطبقات”[9].
- وقال عنه في تهذيب التهذيب “قال ابن سعد: عبد الله بن وهب كان كثير العلم، ثقة فيما قال حدَّثنا، وكان يدلِّس… وقال النسائي: كان يتساهل في الأخذ ولا بأس به، وقال في موضع آخر: ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثًا منكرا، وقال الساجي: صدوق ثقة، وكان من العبّاد، وكان يتساهل في السماع، لأن مذهب أهل بلده أن الإجازة عندهم جائزة، ويقول فيها: حدَّثني فلان”[10].
وقد نص الحافظ ابن حجر في طبقات المدلسين على أن هذا الفعل يعدُّ تدليسًا إذ قال “ويلتحق بالتدليس ما يقع من بعض المحدِّثين من التعبير بالتحديث أو الإخبار عن الإجازة موهمًا للسماع ولا يكون سمع من ذلك الشيخ شيئا”[11].
ولكن ابن وهب لم يكن يُدخل كل ما سمعه في كتبه، بل كان ينتقي ما يثبته فيها، يقول أحمد بن حنبل: “عبد الله بن وهب صحيح الحديث، يفصل السماع عن العرض، ما أصح حديثه وأثبته، فقيل له: أليس كان سيء الأخذ؟ قال: قد كان سيء الأخذ، ولكن إذا نظرت في حديثه وما روى عن مشايخه وجدته صحيحًا”[12].
وقال أحمد أيضًا: “بلغني أنه لم يدخل في تصنيفه من ذلك العرض شيئا”[13].
ثم إن عمرو بن الحارث شيخ عبد الله بن وهب أيضًا قد تكلَّم فيه بعض نقَّاد الحديث وإن كانوا يحتجون برواياته في الجملة:
وبناء على ما سبق فإن هذا الإسناد وإن كان ظاهره الصحة إلا أنَّ في بعض رواته جرحًا لا يمكن إغفاله، غير أنَّ ثمة متابعة للرواية رواها ابن عبد البر في التمهيد بإسناده، قال: “حدَّثنا خلف بن قاسم، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن إسحاق، قال: حدَّثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، قال: حدَّثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدَّثني ابن لهيعة، قال: حدَّثني بكير بن عبد الله بن الأشج، أنه سأل نافعًا: كيف كان رأي ابن عمر في الخوارج؟ فقال: كان يقول: هم شرار الخلق، انطلقوا إلى آيات أُنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين”[16].
وإذا جئنا لنبحث في رجال الإسناد فإننا سنجد فيهم إشكالات كثيرة، وهي:
عبد الله بن عمر بن إسحاق: وهو رجل مجهول الحال، لم أجد من يذكره بجرح ولا تعديل.
أحمد بن محمد بن الحجاج: وهو رجل مجروح جرحًا شديدًا، تكلَّم فيه عدد من أهل الجرح والتعديل
- قال ابن عدي: وكان صاحب حديث كثير حدَّث عنه الحفَّاظ بحديث مصر، وأنكرت عليه أشياء مما رواه، وكأنَّ آل بيت رشدين خُصُّوا بالضعف من أحمد إلى رشدين، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه[17].
- وقال أيضًا: كذَّبوه، وأنكرت عليه أشياء[18].
- وقال: سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أحمد بن شعيب النسائي يقول: كان عندي أخو ميمون وعدَّة، فدخل ابن رشدين، يعني أبا جعفر [وهو أحمد صاحب الترجمة]، فصفقوا به، وقالوا له: يا كذَّاب، فقال لي ابن رشدين: ألا ترى ما يقول هؤلاء؟ فقال له أخو ميمون: أليس أحمد بن صالح إمامك؟ قال: بلى، فقال: سمعت علي بن سهل، يقول: سمعت أحمد بن صالح يقول إنَّك كذَّاب[19].
- قال عبد الغني بن سعيد: سمعت حمزة بن محمد يقول: هو أدخل على أحمد بن سعيد الهمداني حديث بكير بن الأشج، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما حديث الغار، قال: وسمعت العدل الرضا أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الرعيني يقول: سمعت الفقيه أبا بكر بن الحداد يقول: سمعت النسائي يقول: لو رجع أحمد بن سعيد عن حديث الغار عن بكير لحدثت عنه[20].
- قال ابن أبي حاتم: سمعت منه بمصر ولم أحدِّث عنه لما تكلموا فيه[21].
يحيى بن عبد الله بن بكير: وهو أيضًا لم يسلم من الجرح
- قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وكان يفهم في هذا الشأن[22].
- قال النسائي: ضعيف، وقال في موضع آخر: ليس بثقة[23].
- قال ابن معين: سمع يحيى بن بكير الموطأ بعرض حبيب كاتب الليث، وكان شرَّ عرض، كان يقرأ على مالك خطوط الناس، ويصفح ورقتين ثلاثة، قال يحيى: وسألني عنه أهل مصر فقلت: ليس بشيء[24].
- قال ابن شاهين لما ذكره في جملة الضعفاء: ثنا إسماعيل علي، ثنا حسين بن فهم، قال: سئل يحيى بن معين فقال: لا صلى الله عليه، دخلت عليه مسجده، فلما رآني سجد، ما أراك أنك تأتيني[25].
- قال البخاري في التاريخ الصغير عنه: ما روى يحيى بن بكير عن أهل الحجاز في التاريخ فإني أتقيه، وفي موضع آخر: أهابه[26].
- قال محمد بن الوزير المصري: ثلاثة بمصر أخبث الناس لسانًا، لا يعرف لأحد منهم ولاء صحيح: ابن عفير، وأصبغ، وابن بكير[27].
عبد الله بن لهيعة: والكلام فيه معروف أنقل بعضه اختصارًا
- قال حرب الكرماني: سألت أحمد بن حنبل عن ابن لهيعة فضعَّفه[28].
- قال يحيى بن معين: عبد الله بن لهيعة ليس حديثه بذاك القوي[29].
- وقال أيضًا: حديثه لا يسوي فلسًا[30].
- قال مسلم بن الحجاج: تركه ابن مهدي، ويحيى بن سعيد، ووكيع[31].
- قال النسائي: ليس بثقة[32].
- قال الجوزجاني: لا يوقف على حديثه، ولا ينبغي أن يحتج به، ولا يغتر بروايته[33].
- قال الدارقطني: يضعف حديثه[34].
ويظهر مما تقدَّم أن هذا الطريق مثخن بالجراح، ولا يشدُّ غيره ولا يشتدُّ بغيره، فلم يبق لمتابعته للطريق الأول قيمة.
ولأجل هذا الذي تقدَّم فإنني سأواصل في مقالي على فرض صحة الأثر من حيث الإسناد بالطريق الأول، وإن كان حكمًا جدليًا.
المطلب الثاني: في دلالة متن الأثر
بداية ينبغي أن نبيِّن أن هذا الأثر لا يمكن أن يستدل به على المنع من تنزيل آيات الكافرين على المؤمنين، ولا يمكن أن يفهم منه المنع من تنزيل آيات نزلت أصالة في المشركين على من فعل فعلهم الموجب للذم في هذه الآيات لمخالفته لأدلة كثيرة، منها:
أولًا أدلة من السنة:
- حديث أبي واقد الليثي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لمَّا خرج إلى حُنين مرَّ بشجرة للمشركين يقال لها: ذات أنواط، يُعلِّقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.
فقال النبي صلى الله عليه وسلَّم “سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده، لتركبُنَّ سُنَّة من كان قبلكم”[35].
- عن علي بن أبي طالب قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى فاطمة رضي الله عنها من الليل فأيقظنا للصلاة، قال: ثم رجع إلى بيته فصلى هويا من الليل، قال: فلم يسمع لنا حسا، قال: فرجع إلينا فأيقظنا وقال: قوما فصليا، قال: فجلست وأنا أعرك عيني وأقول إنا والله ما نصلي إلا ما كتب لنا إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ويضرب بيده على فخذه ما نصلي إلا ما كتب لنا ما نصلي إلا ما كتب لنا (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا)[36].
فقوله تبارك وتعالى (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) يقصد به الكافر، بدليل سياق الآيات، ومع ذلك استشهد به النبي صلى الله عليه وسلّم في سياق حديثه مع عليِّ بن أبي طالب.
- خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ذَاتَ يَومٍ -أَوْ لَيْلَةٍ- فَإِذَا هو بأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقالَ: ما أَخْرَجَكُما مِن بُيُوتِكُما هذِه السَّاعَةَ؟ قالَا: الجُوعُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وَأَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِي الَّذي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا، فَقَامُوا معهُ، فأتَى رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ فَإِذَا هو ليسَ في بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ المَرْأَةُ، قالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فَقالَ لَهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَيْنَ فُلَانٌ؟ قالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ المَاءِ، إذْ جَاءَ الأنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ؛ ما أَحَدٌ اليومَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قالَ: فَانْطَلَقَ، فَجَاءَهُمْ بعِذْقٍ فيه بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقالَ: كُلُوا مِن هذِه، وَأَخَذَ المُدْيَةَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إيَّاكَ وَالْحَلُوبَ، فَذَبَحَ لهمْ، فأكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذلكَ العِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عن هذا النَّعِيمِ يَومَ القِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِن بُيُوتِكُمُ الجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حتَّى أَصَابَكُمْ هذا النَّعِيمُ[37].
ففي الحديث إشارة إلى آية التكاثر، وتنزيلها على الصحابة، بل على خيارهم أبي بكر وعمر، مع أنها نزلت في الكافرين لا في المسلمين[38].
ولا يصح أن يعترض على هذه الأدلة بأنها من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقوله حجة في ذاته، لأن النبي صلى الله عليه وسلَّم كان يعلِّم أصحابه الاستنباط وتنزيل الآيات على الوقائع، كما هو مبسوط عند الأصوليين.
ثانيًا أدلة من أقوال الصحابة
- عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال: لمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال “لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة”[39].
فقد نزَّل أبو بكرة رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلَّم في فارس -وهم كفار- على الصحابة المسلمين الذين ولَّوا أمرهم السيدة عائشة رضوان الله تعالى عليها وعلى أبيها.
- عن همَّام بن الحارث قال: كُنّا عند حذيفة، فذكروا (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) فقال رجل من القوم: إنما هذا في بني إسرائيل، فقال حذيفة: نِعم الإخوة لكم بنو إسرائيل إن كان لكم الحلو ولهم المر، كلا، والذي نفسي بيده، حتى تُحذى السنَّة بالسنَّة حذو القُذَّة بالقُذَّة[40].
- مر جابر على عمر بلحمٍ قد اشتراه بدرهم، قال: فقال له عمر: ما هذا؟ قال: اشتريته بدرهم، قال: كلما اشتهيت شيئًا اشتريتَهُ لا تكونُ من أهل هذه الآية (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا)[41].
وممن روى هذا القول عن عمر ابنه عبد الله[42]، مما يدل على أنه ما كان يقصد بالأثر المتقدم استنكار مطلق التنزيل كما سيأتي.
وقول عمر هذا قد استفاده من النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحينِ قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: ادعُ اللهَ أن يوسّع على أمتك؛ فقد وسَّعَ على فارس والروم، وهم لا يعبدونه. فاستوى جالسًا، فقال: “أوَ في شكٍّ أنتَ يا ابن الخطّاب؟ أولئك قومٌ عُجّلت لهم طيّباتهم في الحياةِ الدُّنيا[43].
ثالثًا دليل إجماع الأمة وعملها:
قال القرطبي في سياق الاستدلال بالآيات التي نزلت في المشركين على ذم بعض الأحوال التي يشاركهم فيها المسلمون “فإن قيل: فعلى هذا يجوز الاستدلال على المسلمين بما أنزل في الكافرين، ومعلوم أن أحكامهم مختلفة.
قيل له: لا يستبعد أن يُنتزع مما أنزل الله في المشركين أحكام تليق بالمسلمين. وقد قال عمر: إنّا لو شئنا لاتخذنا سلائق وشواء، وتوضع صحفة وترفع أخرى، ولكنّا سمعنا قول الله تعالى (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها)، وهذه الآية نص في الكفار، ومع ذلك ففهم منها عمر الزجر عما يناسب أحوالهم بعض المناسبة، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة”[44].
وعدم إنكار الصحابة قرينة الإجماع، وكذلك فعلهم كما تقدَّم.
والاستدلال بآيات الوعيد والتوبيخ النازلة في المشركين على المسلمين شائع في كتب التفسير وغيرها، فأنت تجد الاستدلال بقوله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتَّبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا) شائعًا في كتب أصول الفقه وتنزيل الآية على من يخالف الإجماع، ويستدلون بما جاء في قصة قوم لوط عليه السلام على حكم من يعمل فاحشتهم -والعياذ بالله- من المسلمين، ويستدلون بمثل قوله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) على وجوب تدبر القرآن للمسلمين، وبقوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) على ذم من يأمر غيره بالبر وينسى نفسه، وهذه الآيات كلها إنما نزلت في الكافرين، ولكن شاع الاستدلال بها وأضرابها في من اتصف بما جاء فيها من المسلمين.
قال الشنقيطي لمّا ذكر احتجاج بعض أهل العلم على إبطال التقليد بالآيات النازلة في تقليد الكفار “وقد احتجَّ العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أولئك من الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين تقليدين بغير حجة للمقلِّد، كما لو قلَّد رجلًا فكفر، وقلَّد آخر فأذنب، وقلَّد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملومًا على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضًا، وإن اختلفت الآثام فيه”[45].
رابعًا الدليل من القاعدة الأصولية (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب):
ذهب جمهور العلماء إلى أن اللفظ العام لو ورد لسبب خاص فإن سببه لا يخصِّصه، بل يبقى على عمومه، بل ذهب بعضهم إلى أن الخلاف يكاد أن يكون لفظيًّا[46].
وسبب عدِّ الخلاف لفظيًّا أن من قال إن العبرة بخصوص السبب لم يقصد حصر الحكم فيمن نزلت فيه الآية، وإنما يحصرون الحكم فيمن تحققت فيه العلة التي عُلِّق الحكم بها، وبيان ذلك بالمثال:
قوله تعالى (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى) ذهب غير واحد من المفسرين إلى أن الآية نزلت في أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه، فلو قلنا بأن العبرة بعموم اللفظ فإننا سنُدخل غير أبي بكر في مسمى الأتقى، ولا نجعله خاصًّا به.
أما إذا قلنا بخصوص السبب، فإننا سنخصُّ الآية بأبي بكر، ونجعل التعميم بالمعنى لا باللفظ، أي بالقياس، فيدخل من عمِل عمَل أبي بكر معه في السياق.
والفرق بين المذهبين ما يلي:
المذهب الأول: يذهب إلى أن عموم المتصفين بالتقوى داخلون في الآية، ولو كان سبب اتصافه بالتقوى غير العلة المذكورة في الآية (يؤتي ماله)؛ أي غير النفقة المذكورة في الآية.
المذهب الثاني: يقيس من فعل فعل أبي بكر في الصدقة فقط، ولا يُعدِّي الآية عن النفقة، فهي تعم ما أشبهه في الفعل من جهة القياس، لا من جهة اللفظ[47].
وثمة طائفة حصرت الآية في أبي بكر لكن لا لقاعدة (العبرة بخصوص السبب) وإنما لدليل خارجي ليس هذا موضع نقاشه.
يقول ابن تيمية “فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقل أحد من علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعيَّن، وإنما غاية ما يقال إنها تختص بنوع ذلك الشخص، فيعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ”[48].
وعلى كلا القولين فإن آيات الوعيد تعم من عمِل عمل المتوعَّدين بها، فعلى القول بعموم اللفظ يكون سبب التعدية العموم اللفظي، وعلى القول بتخصيص الآية في السبب فإن الآية تعم العصاة بما نزلت في سببه الآيات.
خامسًا الاستدلال بأن الأصل في القرآن أنه إنذار وبلاغ للمسلمين:
يقول الشاطبي بعد كلام له في أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب “أن السلف الصالح إنما جاؤوا بذلك الفقه الحسَن بناءً على أمرٍ آخرَ غير راجعٍ إلى الصيغ العمومية؛ لأنهم فهموا من كلام الله تعالى مقصودًا يفهمه الراسخون في العلم، وهو أنَّ الله تعالى ذكر الكفار بسيّءِ أعمالهم، والمؤمنين بأحسن أعمالهم؛ ليقوم العبد بين هذين المقامين على قدمي الخوف والرجاء، فيرى أوصافَ أهل الإيمان وما أعد لهم؛ فيجتهدَ رجاءَ أن يدركهم، ويخاف أن لا يلحقهم فيفرّ من ذنوبه، ويرى أوصافَ أهل الكفرِ وما أعدَّ لهم؛ فيخاف من الوقوعِ فيما وقعوا فيه أو فيما يشبهه، ويرجو بإيمانه أن لا يلحقَ بهم، فهو بين الخوف والرجاء -من حيثُ يشترك من الفريقين في وصفٍ ما، وإن كان مسكوتًا عنه- لأنه إذا ذكر الطرفان، كان الحائلُ بينهما مأخوذَ الجانبينِ كمحالِّ الاجتهاد لا فرق، لا من جهةِ أنهم حملوا ذلك محمل الدَّاخل تحت العموم اللفظي”[49].
فلو قلنا إن الآيات التي نزلت في الكفار خاصة بهم ولا تعني المسلمين في شيء لما كان لتعبُّد المسلمين بقراءتها والاتعاظ بما فيها معنى، لأنها لا تعنيهم من قريب ولا بعيد، وهذا ما لا يقول به أحد، والله تعالى يقول على لسان نبيه في القرآن (وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ).
ولو قلنا إن الآيات التي نزلت في قوم لم تعم غيرهم لكان لأهل الكتاب أن يحتجوا بأن كثيرًا من آيات الوعيد نزلت في غيرهم من المشركين أو العكس، ولم يقل أحد بأنها تختص بهم لورودها فيهم.
سادسًا أن هذا منافٍ للعدل الإلهي:
فالله قد جعل لنا ميزانًا قويمًا، وجعله حاكمًا على سائر الناس، فالله لا يكيل بمكيال لأهل الكتاب وآخر للمسلمين، قال تعالى (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به…)[50].
ويقول الله عز وجل (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل…) فلم يجعل الله سبحانه وتعالى إيمانهم مانعًا من تشبيههم بأهل الكتاب حين شابهوهم في الفعل.
وبعد ذكر هذه الأدلة الصارفة لمعنى الأثر عن منع تنزيل آيات المشركين على المسلمين يأتي السؤال: إذًا ما المعنى الذي أراده ابن عمر؟
الجواب إما أن يكون قصده عامًّا في جميع ما أنزل الله أو خاصًّا في بعضه، وإذا نظرنا نظرًا أصوليًّا إلى أثر ابن عمر فعبارته من قبيل الإطلاق لا العموم، فهو يقول “آيات” ولم يقل “الآيات”، إذًا فهو يعني بعض الآيات التي نزلت في الكافرين لا كلها.
فهل يعني ابن عمر الآيات الواردة في الوعيد وأنها هي التي لا يصح تنزيلها على المسلمين؟
ليس هذا هو المقصود؛ لأن ما شاع عن الخوارج ونقم المسلمون عليهم لأجله ليس تنزيل آيات الوعيد الأخروي على المسلمين -فإن هذا فعله بعض الصحابة كما تقدَّم- وإنما نقموا عليهم تكفير المسلمين واستحلال دمائهم[51].
إذًا؛ فـ “إن ابن عمر لا يقصد أن الخوارج استدلوا بالآيات التي نزلت في الكفار على المسلمين، وإنما يقصد أنهم خلطوا الأمور فلم يميِّزوا بين المناطات التي كفَّر الله بها المشركين، وبين المناطات التي يقع فيها المسلمون مما لا يوجب الكفر”[52].
ويشهد لهذا ما رواه الطبري في تفسيره، قال: حدَّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله (فقاتلوا أئمة الكفر)، أبو سفيان بن حرب، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله، وهمُّوا بإخراج الرسول، وليس كما تأوَّله أهل الشبهات والبدع والفِرى على الله وعلى كتابه[53].
أي أن ثمة من تأول الآية ونزَّل حكم القتال على غير أئمة الكفر كما لا يخفى.
فائدة:
ذكر بعض أهل العلم أن الخطاب لأهل الكتاب في القرآن على نوعين:
أحدهما: ما كان على لسان النبي صلى الله عليه وسلَّم، كقوله تعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي) وقوله (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزَّلنا مصدِّقًا لما معكم) وقوله (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم)
وهذا النوع حكمُ سائر الناس كحكم بني إسرائيل، إن شاركوهم في المعنى دخلوا فيه، وإلا لم يدخلوا.
وذلك لأن أهل الكتاب صنفٌ من المأمورين في القرآن، والخطاب الموجَّه إلى صنف من الأمة المدعوة يشمل سائر المدعوّين.
قال في المسوَّدة “وعلى هذا يُبنى استدلال عامة الأمة على حكمنا بمثل قوله (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) فإن هذه الضمائر جميعها مع بني إسرائيل”[54].
النوع الثاني: خطاب على لسان الأنبياء السابقين، وهذا الخطاب مختلف فيه هل يشملنا أم لا، وهذه هي مسألة (شرع من قبلنا هل هو شرع لنا؟)[55].
خاتمة:
أرجع بعد كل هذا لأقول إن ما سبق يبيِّن بوضوح أن أثر ابن عمر لا إشكال فيه -إن صحَّ عنه- في مسألة تنزيل آيات المشركين على المسلمين، وأن الاستدلال به للتشنيع على القائلين بعموم نصوص الوعيد استدلال في غير محلّه.
بل يمكن أن يقال إنه لو ثبت عن ابن عمر، وثبت أنه أراد المعنى الذي يريده المستدلون به، فلا يصح أن يرجَّح قوله على قول عموم الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الناس هذا، خصوصًا وأن قولهم موافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلَّم ودلَّت الدلائل عليه.
بقي أن تنزيل نصوص الواردة في المشركين على المسلمين ينبغي أن يضبط ببعض الضوابط[56] منها:
- يلزم أن يكون بين الآية المذكورة وبين المعنى المراد في التفسير علة جامعة أو عموم يشمل الجنس المراد تنزيل اللفظ عليه.
- لا يصحُ في تنزيل آية نزلت في كافر على مسلم تنزيلُ جميع أحكام الكافر على المسلم، وإنما يناله من الذمِّ بالقدر المشترك بينه وبين الكافر من صفات أو أعمال.
- ليست كل الآيات النازلة في الكافرين يصح تنزيلها على المسلمين، إذ إن منها ما يختصُّ بأحكام الكافرين حصرًا، كالأمر بقتالهم أو أخذ الجزية منهم، أو وصفهم بالنجس ونحوها من الصفات.
والله أعلم وأحكم.
لتحميل المقــال اضغـط هنا
[1] مصطلح الكفر في الكتاب والسنة يطلق ويراد به الشرك أحيانًا ويراد به الفسق أحيانًا أخرى، ويحتاج الأمر إلى دراسة ضوابط تخصيص أحد المعنيين به، وكذا في إمكان حمل اللفظ على كلا معنييه (عموم المشترك).
[2] أخرجه ابن وهب في كتاب المحاربة من الموطأ، برقم (67)، ص42-43، وأخرجه البخاري معلَّقًا (9/16)، وذكره الحافظ في (تغليق التعليق) (5/259)، وقال في الفتح (12/286) “وصله الطبري في مسند عليٍّ من تهذيب الآثار من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج، أنه سأل نافعًا: كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية؟ قال: كان يراهم شرار الخلق، انطلقوا إلى آيات الكفار فجعلوها في المؤمنين. قلت -أي الحافظ-: وسنده صحيح”.
وقد ردَّها السيد الوالد -حفظه الله- في برهان الحق من جهة المتن (9/517).
فائدة: لفظ الحرورية كان يطلق في أول الأمر على طوائف مختلفة، فقد يطلق ويراد به الأزارقة أو الخوارج أو أهل النهروان، وهو بحاجة إلى تتبع تاريخي.
[3] انظر على سبيل المثال: الرد القويم البالغ على كتاب الخليلي المسمى بالحق الدامغ، لعلي الفقيهي، ص441.
ومن الطريف أن هذا الأثر مما يحتج به خصوم أتباع دعوة محمد بن عبد الوهاب -والفقيهي من أتباع هذه الدعوة- على أن الوهابية من الخوارج، انظر: دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقض، لعبد العزيز العبد اللطيف، ص293-300.
[4] الطبقات الكبرى (8/518)
[5] الكامل في الضعفاء (5/336)
[6] ترتيب المدارك (1/430)
[7] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (1/417)
[8] النكت على ابن الصلاح (1/265)
[9] طبقات المدلسين ص22.
[10] تهذيب التهذيب (6/67)
[11] طبقات المدلسين ص16.
[12] الانتقاء لابن عبد البر، ص48-49.
[13] العلل ومعرفة الرجال لأحمد (1/360)
[14] تهذيب الكمال (21/570)، تهذيب التهذيب (3/261)، لسان الميزان (9/384).
[15] الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة (3/559)
[16] التمهيد لابن عبد البر (15/285-286)
[17] لسان الميزان (1/594)
[18] لسان الميزان (1/594)
[19] لسان الميزان (1/594)
[20] لسان الميزان (1/594)
[21] الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/75)
[22] تهذيب التهذيب (4/368)
[23] تهذيب التهذيب (4/368)
[24] تهذيب التهذيب (4/368)
[25] إكمال تهذيب الكمال (12/333)
[26] إكمال تهذيب الكمال (12/333)
[27] إكمال تهذيب الكمال (12/333)
[28] الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/145)
[29] الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/145)
[30] إكمال تهذيب الكمال (8/143)
[31] تهذيب التهذيب (2/411)
[32] تهذيب التهذيب (2/411)
[33] تهذيب التهذيب (2/411)
[34] إكمال تهذيب الكمال (8/143)
[35] رواه أحمد (21900)، والترمذي (2180) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[36] البخاري (7465)، ومسلم (775)
[37] رواه مسلم (2038)
[38] أسباب النزول للواحدي (1/238)
[39] البخاري (4425)
[40] رواه الحاكم في المستدرك برقم (3218)، والطبري في التفسير (12027)، والمروزي في السنَّة (65) وهو ثابت إن سلم من تدليس الأعمش.
[41] المصنف لابن أبي شيبة، ج5، ص567، أخرجه أحمد في الزهد، ص123-124.
[42] الدر المنثور (6/103-104)
[43] البخاري (2468) ومسلم.
[44] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، (8/92)
[45] أضواء البيان (7/490-491)
[46] إتقان البرهان في علوم القرآن، فضل عباس حسن، (1/365)
[47] مساعد الطيار، شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية، ص89.
[48] مجموع فتاوى ابن تيمية، (13/338-339)، وانظر: المستصفى للغزالي (2/133)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (2/504).
[49] الشاطبي، الموافقات، ج4، ص564. وللشاطبي كلام سابق نفيس في هذا السياق بدءًا من صفحة 554 من نفس الجزء.
[50] القرضاوي، الفتوى بين الانضباط والتسيب، ص70.
[51] انظر: الخوارج والحقيقة الغائبة، ناصر السابعي، ص188-194. ففيه بيان مفارقة الإباضية لما نُقم على الخوارج.
[52] سلطان العميري، المسلك الرشيد إلى شرح كتاب التوحيد (1/609).
[53] تفسير الطبري (14/154)
[54] المسوَّدة في أصول الفقه لآل تيمية، ص48.
[55] المرجع السابق.
[56] ذكر الدكتور مساعد الطيار جملة من الضوابط في مقال له بعنوان (الاستشهاد بالآيات في غير ما نزلت فيه وتنزيل آيات الكفار على المؤمنين) منشور في كتابه (مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير) (1/366-3746) وفيه تحريرات وفوائد نفيسة.